الجمعة 05-12-2014 – 20:03 ص
انتقد المخرج السينمائى خالد يوسف ، أخطاء النظام الحالى بلا مواربة، مؤكدا أن هذا البلد لن يصنع مستقبله إلا الشباب المغيب عن جميع القرارات السياسية والاقتصادية، لافتا إلى أن الرئيس السيسى لن يصنع المستقبل الذي يحلم به إذا استمر في عدم احتوائهم. وقال «يوسف»، في حواره لـ«المصرى اليوم»، إن أحكام البراءة التي صدرت بحق مبارك وباقى أركان نظامه، لا تحمل أي درجة من درجات البراءة، ولكنها إعلان لفساد بعض التشريعات التي سدت المنافذ أمام القاضى لإقامة العدل، منوها بأن شعبية الرئيس السيسى تتراجع لاستخدامه نفس الآليات التي كان يستخدمها مبارك في حكمه للبلاد الذي امتد نحو 30 عاما.
وأضاف يوسف: «أعلم أننى سيتم تخوينى بعد أن قررت الإدلاء برأيى فيما أراه حقيقيا وصحيحا وبما يرضى ضميرى، فمصر تعيش حالة من المزاج الحاد نتيجة التقلبات العنيفة التي تعرضت لها البلاد، وأصبحنا نمارس ما كان يمارسه الإخوان ضدنا، وانتقلنا من حالة التكفير في عهد الإخوان إلى حالة التخوين، ضد من يخالفوننا الرأى»، محذرا من دفع من هم في خندق ثورة يونيو إلى خندق معارضيها، وإلى نص الحوار:
كيف قرأت أحكام البراءة التي حصل عليها مبارك وأعوانه في قضية قتل المتظاهرين؟
-دعونا ننظر إلى ما قاله القاضى نفسه إنه لم يستطع أن يطوع نصوص القانون لتحقيق معنى العدالة، وأقر بظلم القوانين وحمل من شرعها جريرة الظلم وهذا معناه أن هذا الحكم لا يحمل أي درجة من درجات البراءة لمبارك ورجاله، ولكنه إعلان بفساد بعض التشريعات التي سدت المنافذ أمام القاضى لإقامة العدل، وعموما أملنا في قانون العدالة الانتقالية الذي نص عليه الدستور وأملنا في تصديق الدولة على اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، التي تتيح محاكمة من ارتكب جرائم ضد الإنسانية داخل مصر وفى النهاية أكثر ما يهم أرواح الشهداء ليس القصاص وحده، وإنما أن يروا وطنهم ترفرف عليه رايات الحريات والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فإن كنا نسير في هذا الاتجاه فإن أرواحهم ستهنأ وتهدأ نفوس أهلهم، أما إذا لم يتحول ما خرجوا من أجله إلى واقع على الأرض وحتى لو أخذنا لهم القصاص فلا راحة لروح شهيد ولا هناء لأهله.
لماذا علت نبرة الانتقاد لنظام 30 يونيو خلال الآونة الأخيرة من محبيه وداعميه؟
-النظام ليس له علاقة لكن المجتمع هو الذي لم يعد يحتمل، المزاج العام أصبح حادا جدا وكل الأمور إما أسود أو أبيض وان كان هذا ناتجا من إدراك الشعب المصرى للخطر الداهم الذي يهدد الدولة، وخوفه أن يمنح النقد أعداء الدولة فرصة للانقضاض عليها، وأنا أتفهم وأقدر هذا المزاج العام، إذ إن الحدة الشديدة ناتجة عما حدث في مدة العامين والنصف الماضية من أحداث جسام، أحداث سيتوقف عندها التاريخ كثيرا بل سيتعجب منها، ففى التراجيديا الإغريقية عندما دخل الملوك إلى السجون ثم خرجوا كان ذلك هو ذروة الخيال، لكن نحن نتحدث عن حاكم خرج من الحكم ودخل السجن وآخر جاء من السجن وجلس على كرسى الحكم، ثم عاد إلى السجن مرة أخرى، لكن يجب أيضا تقدير خطورة هذا المزاج الحاد وإذا استمر سيدفع أشخاصا من خندق ثورة يونيو ووضعهم في خندق المعادين لها بل للدولة في مرحلة ما إذا ما تطور الأمر.
بمعنى؟
-عندما يستمر الناس في تخوين بعضهم البعض نتيجة أي نقد، فإن الشخص المُنتقد سيصبح عنيدا أمام الهجوم عليه وقد يزيد من نقده، وفى ذلك خطر على الدولة.. وأنا أعتقد أن إصدار قانون التظاهر في ديسمبر 2013 كان بمثابة دق إسفين في تحالف 30 يونيو و25 يناير، إذ إنه ومن تلك اللحظة ونحن ندفع بأناس من خيرة وأشرف رجال الوطن إلى خارج حظيرة الوطن بسبب حالة المزاج العام وخطورة ذلك أنه سوف يقسم المجتمع إلى نصفين مرة أخرى.
ما هو دور النظام في شيوع تلك الحالة أو كبح جماحها؟
– دور النظام أن يستوعب من ينتقدوه ويعطى درسا في الديمقراطية حتى يٌهدئ من المزاج العام الحاد ضد منتقديه، لا أن يترك منتقديه فريسة للشارع وللمزاج الحاد، وإن كنت على يقين أن النظام نفسه يرحب بالنقد وليس لديه هذا المزاج الحاد ضد منتقديه.
ما دليلك؟
-عندما حصل الفنان خالد أبوالنجا على جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائى، وجدت من هم قلقون للغاية من أعضاء المهرجان من إعلان النتيجة، رغم أنه لا توجد علاقة بين رأى الفنان السياسى وفنه، وقمت وقتها بإجراء اتصال بالرئاسة لأستطلع رد الفعل فوجدت أن مؤسسة الرئاسة ليس لديها أي مشكلة في أن يقول أو ينتقد أي شخص النظام.
هل اتصلت لتحصل على إذن بمنحه الجائزة أو حجبها؟
– لا على الإطلاق وحتى ولو كان رد الرئاسة عدم إعلان الجائزة أو عدم منح خالد أبوالنجا إياها ما كنا سنمتثل، إنما الاتصال كان من باب التهدئة من روع القلقين ولأتأكد بنفسى أننا نسير في الاتجاه الصحيح وأن الرئاسة تحترم الرأى الآخر، وعندما قلت لأحد القائمين على مؤسسة الرئاسة إن لدى تخوفا من أن يتم التحرش أو الاعتداء على خالد أبوالنجا من بعض الأشخاص المتحمسين للنظام بعد إعلان الجائزة كان ردهم واضحا وهو استعدادهم التام لتوفير الحماية الكاملة له، ما يعنى أن رد فعل مؤسسة الرئاسة المتفهم للنقد لم يصل للناس، لذا أرى أن النظام مقصر في ذلك حيث إنه لا يرسل رسائل طمأنة للجماهير التي تعارضه ورسالة أخرى للجماهير التي تؤيده، مفادها أن تحملوا المعارضين.. وترك المعارضين للمؤيدين يقصونهم ويسبونهم وينكلون بهم وبسمعتهم.
كيف ترسل مؤسسة الرئاسة هذه الرسائل من وجهة نظرك؟
-بالأفعال وليس بالكلام، وعبر فتح قنوات حوار مع المعارضين مثل خالد أبوالنجا والكاتب وحيد حامد والكاتب بلال فضل، ونفهم منهم لماذا يقولون هذا الكلام وما الخطأ الذي يرونه، فلا يمكن لأى نظام أن يستقيم إلا إذا استمع إلى معارضيه بإنصات شديد.
لماذا لم يقابل الرئيس السيسى حمدين صباحى حتى الآن؟
-هذا ما يجب أن يفعله، وإن كنت أقدر حجم المسؤولية الملقاة على الرئيس والأعباء الجسيمة والمخاطر التي تواجهها الدولة التي تجعل كثيرا من الأمور لا تسير بشكل سليم، وهذا ليس التماس أعذار له ولكنه واقع.
لماذا سبق وصرحت بأن شعبية السيسى تناقصت وما هي دلائلك؟
– كان كلامى ردا على استطلاع أجراه مركز بصيرة بأن شعبية الرئيس تناقصت من 97% إلى 85% وقلت إن هذا شىء طبيعى، فلا يمكن أن يظل له نفس الشعبية حتى ولو حقق إنجازات كبرى، فبعد مرور 4 سنوات مثلا ستكون قد تناقصت كثيرا عن شعبيته وقت توليه الحكم، وهذه هي طبيعة الأمور، لأن هناك أناسا أضيروا من قراراته، فلن ترضى كل القرارات كل الناس وإن كانت الأفضل للبلاد.
بعيدا عن التناقص الطبيعى.. هل تعتقد أن الأداء الحكومى ساهم في سرعة تناقص تلك الشعبية؟
– طبعا وبلا أدنى شك، الأداء الحكومى ساهم بنسبة كبيرة حيث يوجد احتقان في الشارع، وبين طبقات الفقراء الذين صبروا طوال الأربع سنوات الماضية، بل وصبروا طوال الـ30 عاما الماضية، رغم أن هذه الطبقة، التي هي تحت خط الفقر، صاحبة جميل على المصريين، فأى شعب مهما كان تحضره، ولديه هذه الطبقة في ظل الانفلات الأمنى وغياب الدولة كان سيواجه كوارث لا حصر لها، حيث كان من الممكن لهذه الطبقة أن تأكل الأخضر واليابس، كانت سترتكب كل أنواع الجرائم من قتل وسرقة ونهب ضد الطبقات الأعلى، لكن هذا لم يحدث في مصر، وهذا أكبر دليل على نبل هذه الطبقة بل هي أنبل الطبقات والأكثر صبرا على البلاء، وحتى الآن لم تحصد ثمار الثورة.
الرئيس تولى الحكم منذ أشهر معدودة أليست المدة غير كافية ليطالب البعض بحصاد الثمار؟
– هذا الكلام صحيح، ولا يشترط أن يحصد الفقراء الثمار الآن ويأكلونها، ولكن أضعف الإيمان أن يشموا حتى الرائحة، أي بصيص من الأمل لهم، لكن ما يحدث هو العكس تماما فقد زادت معاناة الناس.
هل ذلك نتيجة عدم صحة القرارات أم أنها لا تصب في صالحهم؟
– أولا القرارات لا تصب في صالحهم، إنما تصب في صالح دولة رجال الأعمال. مازالت القرارات الاقتصادية تصب في صالح فكرة إغناء الغنى وإفقار الفقير، ومثال على ذلك عندما قررت الدولة رفع سعر السولار والبنزين، صب القرار في صالح الأغنياء تماما، وكان من الأجدى رفع سعر البنزين على الأغنياء، وفرق الأموال ندعم به الفقراء فلا تدفع الدولة دعما، أما عن مدى صحة القرارات من عدمها فتجدين أن مشكلة مصر دائما إما قرار غير مدروس سريع أو قرار مدروس بطىء، وفى الحالتين النتائج كارثية.
إذا كانت الحلول التي تحقق العدالة الاجتماعية على قارعة الطريق هكذا.. لماذا لا تأخذ بها الحكومة؟
– المشكلة أن الحكومة تبلغ الرئيس بأنه إذا لم يتخذ القرار في هذا الأمر بسرعة، فسوف يؤدى ذلك إلى كارثة، ويصورون له الأمر وكأن الدولة ستنهار أو ستفلس لو أنه لم يتخذ القرار على النحو الذي تم تصويره له، ورأيى أن هذه المؤسسات ترهب الرئيس وتمارس عليه الإرهاب.
من تقصد بالمؤسسات؟
– لا أستثنى أحدا، مازالت مؤسسات الدولة هي نفس مؤسسات مبارك، تفكر بنفس فكر مبارك وجمال مبارك، فهم يتحدثون عن أحداث النمو على نفس طريقة أحمد نظيف، النمو كأرقام بغض النظر عن نوعية الاستثمارات التي ستحقق النمو، وهل ستكون في المجالات كثيفة العمالة أم لا، وما مدى انعكاس عائدها على الطبقات الفقيرة، حتى الآن يتحدثون عن أرقام الاستثمارات القادمة دون أن يطلعونا على خطتهم ونوعية الاستثمارات التي يسعون لجلبها، لم يتغير أي شىء في فكر كل مؤسسات الدولة، فهى تربت في كنف مبارك.
حتى الوزراء الحاليون؟
– حتى الوزراء الحاليون، رغم أن معظمهم طاهر اليد إلا أنهم من نفس صندوق مبارك.
وما الحل؟
– رأيى أنه يجب على الرئيس أن يخرج خارج صندوق مبارك تماما، فهل يعقل أنه لا توجد في مصر شخصيات مؤهلة غير الدكتور كمال الجنزورى، رغم حبى لهذا الرجل، والدكتورة فايزة أبوالنجا مع الاحترام لها، مصر ولادة وبها كفاءات كبيرة، ثقى أن لدينا عشرات من الأصوات الرائعة مثل أم كلثوم، ولكن مشكلتنا أنه ليس لدينا أبوالعلا محمد، الذي يذهب إلى قرية طماى الزهايرة لكى يختار ويجلب فتاة موهوبة لتكون أم كلثوم، «مشكلة الرئاسة أنها لم تحاول البحث عن الكفاءات واعتمدت على المحيطين ومن هم في الصورة».
ما تقييمك لأداء إبراهيم محلب رئيس الوزراء؟
– رجل مخلص ووطنى ويبذل أقصى جهده، لكنه ليس رجلا سياسيا.
يقولون إن مصر تحتاج إلى تكنوقراط، خاصة أن السياسيين خذلونا طوال السنوات الماضية؟
– ليس مطلوبا لكى يكون المسؤول سياسيا أن يكون مارس عملا حزبيا، لكن أن يكون له اشتباك مع العمل العام، وأن يكون له رؤية للواقع، وليس موظفا، نحن لسنا بحاجة للتكنوقراط، ولكن إلى سياسيين يدركون ليس فقط صناعة القرار إنما توقيت إعلانه وكيفية إعلام الشارع به، فعندما طلب الرئيس الاستعانة بأربعة معاونين للوزراء ذهبوا وأتوا بالمعاونين من داخل الوزارة وليس من خارجها، وهذا لن يصنع مستقبلا، فنحن نحتاج إلى معاونين من خارج الوزارة حتى لا يكونوا متأثرين بثقافة الموظفين، أما أن تأتى بموظف وتضعه إلى جوار الموظف الأكبر وهو الوزير، ليصبح يوما ما موظفا هو الآخر بدوره بدرجة وزير، إذن نحن لم نفعل شيئا وستبقى ثقافة الموظف هي الحاكمة للمؤسسات، وهى ثقافة لا تصنع مستقبلا. فطه حسين كان يقول «أحذركم من ثقافة الموظف فهى لا تساعد في تقدم مجتمعات» وإنما ستعوق الرئيس.
ماذا سنفعل إذن بأكثر من 6 ملايين موظف في الجهاز الإدارى؟
– يمكن أن تديرى عقلية الـ6 ملايين موظف بصورة إيجابية، وليست معوقة، الحل الوحيد هو وضع قيادات جريئة معروف عنها الرؤية السياسية والجرأة والقوة في اتخاذ قرارات ليست تقليدية، على أن تؤمن لهم الدولة ذلك بتشريعات تحميهم. جمال عبدالناصر عندما قام بتأميم قناة السويس قالوا عنه إنه رجل متهور ومجنون، لذلك نحن بحاجة في الإدارة إلى بعض التهور وبعض المتهورين للخروج من الصندوق.
في رأيك لماذا تحول الشباب إلى معضلة للنظام الحاكم؟
– الفجوة بين أوساط الشباب والنظام سيتم تركها حتى تتحول إلى كرة الثلج، التي تتضخم كل يوم، فقطاع عريض من الشباب في الجامعات وخارجها غير راضين عن النظام ويعانون من احتقان شديد، رغم أنهم ليسوا من الإخوان. الشباب هم زاد الوطن وثروته، وهم إما أن يبنوا الوطن أو يهدموه. والشباب للأسف أصبح منعزلا وعازفا عن المشاركة.
ماذا يعنى ذلك؟
– يعنى أن النظام لا يعرف كيف يحتوى الشباب، لا يوجد تواصل معهم، وفى لحظة ما شعر الشباب أنهم يخرجون من اللعبة السياسية ويطاح بهم.
هل تقصد شباب الأحزاب والحركات السياسية أم الشباب الذي يمثل 60% من التركيبة السكانية في مصر؟
– أقصد الشباب بشكل عام إذ إن قطاعا منهم يشعر بالتهميش، وقانون التظاهر أحد تلك الأمور التي تثير حنق الشباب.
ليس كل الشباب يهمه قانون التظاهر.. فشباب مصر يريد وظيفة وشقة وحياة كريمة؟
– نعم، معك حق لكن حتى هؤلاء لم نفعل لهم شيئا.
لكن الوطن تضرر كثيرا بسبب التظاهرات غير المنضبطة؟
– المجلس القومى لحقوق الإنسان نفسه التابع للدولة انتقد قانون التظاهر، وأشار إلى أن هناك مواد بها تعسف شديد في استخدام هذا الحق، فهذا القانون متصادم مع الدستور، وعندما يعرض على المحكمة الدستورية سيسقط.
لنفترض أن الرئيس أمر بتعديل قانون التظاهر هل سيحل ذلك مشكلة الشباب؟
– لا بالتأكيد لكنه إحدى خطوات الحل والتهدئة، والحل يكمن في التواصل مع الشباب.
كيف يكون التواصل؟
– عمل مؤتمر قومى للشباب يتقابلون فيه مع الرئيس شخصيا، فقد كان جمال عبدالناصر يقابل الشباب مرتين في العام، ويستمع لهم لمدة تصل إلى ثلاث ساعات، فليجتمع مع شباب الجامعات الغاضب الذي يقوم بمظاهرات، الذي لا ينتمى للإخوان للتعرف على سبب غضبهم واحتوائهم، ويمكن التواصل معهم بسهولة عن طريق رؤساء الجامعات، فكيف يبنى الرئيس مستقبلا لهؤلاء وهم ليسوا متواجدين في خطة صناعة المستقبل، أي مستقبل يبنيه وصناع وأصحاب المستقبل الحقيقى غاضبون، هذا يعنى أنه لن يصنع مستقبلا لهذا الوطن.
يقولون إن الشباب ليس لديه خبرة سياسية وإدارة البلاد تحتاج إلى خبرة وحكمة الشيوخ؟
– يا سيدتى نهضة مصر في الخمسينات والستينات حدثت ليس لأن جيل الحكم وقتها كان جيلا وطنيا لكن لأنه أيضا كان جيلا من الشباب فكان لديه الجرأة والجسارة، وقد أتوا بفتحى رضوان والدكتور القيسونى بجانبهم للاسترشاد بخبرتهما أي أن كبار السن عملوا كاستشاريين بينما روح الشباب هي التي تحكم البلد فقفزت مصر إلى أعلى، أما الوضع الآن فهو العكس تماما دولة العواجيز هي التي تحكم والشباب بعيد تماما.
هل يمكن أن تعترف بعد كل ما قلت أن الدستور الذي شاركت في صناعته الآن قد تم وضعه على الرف؟
– بلا أدنى شك أعترف بذلك.. فالدستور يتحدث عن أن الضرائب يجب أن تكون تصاعدية ولم ينفذ، احترام الحقوق والحريات فصدر قانون التظاهر مخالفا لذلك، نص على ضرورة مراعاة البعد الاجتماعى ومع ذلك لا يوجد قرار اتخذ لحماية الفقراء حتى الآن.
ما رأيك في الأصوات التي تنادى بأنه يجب تغير الدستور الآن بدعوى أن البلد لا تحتمل الديمقراطية؟
– هذه الأصوات يجب أن تخرس تماما، من يقول بذلك لديه أشواق لصناعة ديكتاتور آخر وفرعون جديد، بل يهينون الشعب المصرى فلا يوجد دول جاهزة للديمقراطية ودول غير جاهزة، الناس تمارس الديمقراطية وتصوب الأخطاء من خلال الممارسة، هذا ما عملته انجلترا أعرق ديمقراطيات العالم، أخطات وصوبت أخطاءها حتى أصبحت الآن أحد أهم الدول التي تمارس الديمقراطية في العالم. باختصار هذا الدستور متوازن ويتسق مع نضال الشعب المصرى.
لكن من ينادى بالتعديل الدستورى يتخوف من أن يتحول البرلمان القادم إلى معوق لأداء الرئيس؟
– مهما كانت هوية البرلمان فأنا أتصور بأنه لن يخرج عن سلطة الرأى العام، ولو وصل بعض الانتهازيين للبرلمان، ودفعوا في اتجاه تشريعات لصالح الأغنياء فسوف يواجهون بانتقادات حادة من الفقراء في دوائرهم فالشعب أصبح له سلطة، ولم يعد كما كان.
ما شكل البرلمان القادم وهويته من وجهة نظرك؟
– البرلمان القادم سيكون سمك لبن تمر هندى ولكنه لن يستطيع أن يخرج عن مطالب الشعب المصرى، لذا لست أخشى البرلمان القادم.
لماذا لم يتم إنهاء قانون تقسيم الدوائر حتى الآن؟
– هذا يأتى أيضا ضمن حالة الإرهاب التي تمارس على متخذى القرار بأنه لا يجب أن يصدر تقسيم الدوائر قبل تقسيم المحافظات لأنه سيتسبب في حل مجلس الشعب، وأنا أرجو من الرئيس أن يؤجل التقسيم الإدارى لأنه غير مدروس، ويجب إجراء حوار مجتمعى بشأنه فلا يمكن تقسيم محافظة البحر الأحمر دون عمل حوار مع أهل المحافظة، ولا يمكن تقسيم حلايب وشلاتين ووضعها في محافظة واحدة مع أسوان دون حوار مجتمعى مع أهلها، فهذا ضد ثوابت الأمن القومى، فالمنطق الحاكم للتقسيم الجديد متعارض مع بعضه وأنا لا أعلم لماذا تكبر محافظات مثل الجيزة وأسيوط وتصغر محافظات مثل الوادى الجديد، ما هو المنطق الحاكم للتكبير والتصغير.
في تقديرك من هو عقل الدولة؟
– حتى الآن لم يتشكل عقل سياسى للدولة والأساس أن تكون المؤسسات هي عقل دولة، شريطة أن تكون ثابتة وراسخة، لذا من الأجدى أن يكون عقل الدولة متمثلا في المجلس الاقتصادى والاجتماعى الذي تم الإشارة إليه في الدستور إلى جانب مجموعة من المستشارين السياسيين للرئيس، يكون لهم اتصال بالمؤسسات الأمنية والبحثية والإحصائية بحيث تكون الدولة بكل مؤسساتها أمامهم لعمل رؤية متكامله لحل المشكلات، فلا يجب أن ألقى أحلام الوطن بأيدى التكنوقراط.
إذن على من يعتمد الرئيس في قراراته؟
– حتى الآن يعتمد على نفسه وهذه هي المشكلة، لأن لديه ضغوطا كبيرة ولديه تحديات ضخمة، واعتماده على نفسه خطأ فادح لأنه أرجعنا إلى دولة «بناء على توجيهات سيادة الرئيس».
هل يثق الرئيس في المؤسسة العسكرية أكثر من المؤسسات المدنية؟
– نعم بكل تأكيد وهذا يرجع لعشرته معهم من ناحية ولأن المؤسسة العسكرية منضبطة وسريعة الإنجاز لكن المشكلة أنه يجب أن تتعدد أدوات الرئيس التي يعتمد عليها.
ما هو محل النخبة السياسية من الأعراب في جملة الأحداث السياسية الآن؟
– النخبة هي أحد أمراضنا التي يجب أن تعالج، لديهم ضيق أفق للأسف، فكل الأحزاب مريضة بأمراض نظام مبارك بعد أن قضى مبارك على الحياة الحزبية في مصر، حتى الأحزاب التي تشكلت بعض الثورة تجدين قياداتها قد خرجت من كنف مبارك، نحن بحاجة إلى أحزاب شابة لخلق حياة حزبية جديدة.
هل رؤية الدولة في الحرب على الإرهاب تسير في الاتجاه الصحيح؟
– الأمن يبذل أقصى ما في وسعه، لكن على أي حال لا يجب محاربة الإرهاب بالأمن وحده إنما بالنهوض الاقتصادى والتنمية، وهذا ما فعله عبدالناصر فلم يحارب الإخوان بالسلاح بل أعطى الفلاحين 5 أفدنة واحتوى الشعب في حضنه، وعندما حان الوقت لوضع الإخوان في السجون كان الشعب معه مؤيدا لقراراته، محاربة الإرهاب تبدأ بتمكين الشباب والقضاء على البطالة