البطل في كارما ! .. بقلم : سليمان جودة

الخميس 14-06-2018

مع مشهد الختام فى فيلم كارما، أحسست بأن البطل فى الفيلم ليس عمرو سعد، ولا خالد الصاوى، ولا دلال عبدالعزيز، ولا وفاء عامر، ولا زينة، ولا ماجد المصرى، ولا سارة التونسى، ولا غادة عبدالرازق.. ولا حتى خالد يوسف، صاحب القصة والإخراج!.

البطل ليس كل هؤلاء.. ولكنه فكرة حاضرة من أول مشهد يستعرض القاهرة من الطائرة، إلى آخر مشهد ينطلق فى خلفيته صوت الراوى وهو يقول إن الله خلق البشر بلا فوارق من نوع ما نراه هذه الأيام، وإن الذين صنفوا الناس على أساس الدين هُم فقط الذين صنعوا الفوارق وأسسوا لها!.

البطل فى الفيلم ليس إيهاب فهمى، ولا يوسف الحسينى، ولا خالد تليمة، ولا عمر زهران، ولا غيرهم ممن أضاءوا العرض من أوله إلى آخره.. ولكنه الفكرة التى تتجلى فى عبارة أخذها المخرج من داخل الأحداث، ثم نقشها على البطاقات التى ذهبت إلى المدعوين!.. وهى تقول إن هناك فرقاً بالتأكيد بين واحد سمع عن الفقر، وواحد آخر عرف الفقر وعاش فى أحضانه!.

والإمام على بن أبى طالب، كرّم الله وجهه، كان هو الذى قال: مَنْ ذاق عرف!.

ويستطيع خالد يوسف.. الآن.. أن ينام فى بيته ملء عينيه، وأن يضع فى بطنه بطيخة ضخمة من النوع الصيفى، فلا يبذل جهداً فى الدعاية للفيلم، ولا يعقد عنه ندوة، ولا ينظم لقاءً يناقشه، لأن الذى سحب الترخيص قبل العرض الخاص بيوم واحد تكفل بدعاية مجانية للعمل بالملايين، وأفاده من حيث قصد أن يُلحق به الضرر، وأشاع الرغبة فى مشاهدته على نطاق واسع!.

والفكرة سوف يختلف عليها الذين شاهدوه، وسوف يراها كل واحد حسب الزاوية التى كان يتطلع منها إلى تطورات الأحداث، وهو يتابعها من مقعده، ولكنها بالنسبة لى هى الفقر الذى انتزع اللقمة من فم الطفلة كارما، لأن أباها لم يجد ثم يجدها فى جيبه، فأعاد ما اشتراه إلى البائع على وعد لصغيرته بأن يعوضها، فيأتى لها بما تحبه، حين يكون ثمنه فى يده!.

وهو مشهد رأيت بعينى ما يماثله فى واحد من شوارع العاصمة، ولم يكن من الممكن أن أُصدقه على الشاشة، لولا أنى قبل عدة أشهر تابعتُ امرأةً بائسة تجر طفلها وراءها باكياً، لأنها اكتشفت بعد أن فتشت جيوبها أنها لا تملك ثمن ما يريده، فمضت فى طريقها وتعاسة العالم تغطى وجهها!.

الفيلم لا يُدين الدولة كما قد يتصور الذى سحب الترخيص، ولكنه يُنبه ويمارس دور المسحراتى، بالمجان، فى غير رمضان!.

Almasryalyoum

;