خالد يوسف: «كارما» الشقاء والسعادة

الأربعاء 27-06-2018 – 00:00 ص

بذكاء شديد وجرأة تعوّد عليها وعودنا عليها.. استطاع المخرج خالد يوسف على مدار السنوات الماضية، وتحديدًا منذ عام 2000 إلى 2010 ونجح فى أن يصنع لنفسه أسلوبه الخاص ومنهجه المتبع ليجد مكانة مميزة لدى الجمهور، ومن ثم بصم باسمه كإحدى العلامات المهمة فى صناعة السينما المصرية مؤخرًا، لتصبح أعماله بوابة مرور معتمدة لكبار النجوم الآن. هو مخرج يهتم دائمًا أبدًا بالاشتباك مع قضايا المجتمع، ومخاطبة الفئات المحدودة، بل المنعدمة من خلال تسليط الضوء على أدق تفاصيل حياتهم التى تقلبها رأسَا على عقب.. عاد من بعيد بفيلم لم يخل هو الآخر من إثارة الجدل.. ليحدثنا فى السطور التالية عن «كارما».

 فما بين الفعل ورد الفعل.. وبين الشقاء والسعادة، يتجسد لنا قانون «كارما» كأحد القوانين الكونية التى تقضى بالعدالة.. من يفعل خيرًا سيجده، ومن يرتكب إثمًا سيجنى مرارته، ومن هنا نجد أنفسنا أمام ملفات اجتماعية وسياسية ونفسية طرحها صاحب دكان شحاتة، مناقشًا الفوارق المفتعلة التى يصنعها البشر.

لماذا «كارما» بعد هذا الغياب الطويل؟

ـــ منذ 7 سنوات وقبل انقطاعى عن الإخراج السينمائى،  قررت بين نفسى أن العودة يجب أن تعبّر عن إحساسى وفقط، لأننى أعتقد أن المنهج العلمى فى التفكير وقياس المزاج النفسى للناس والتيمة الدرامية التى تحدد مدى قبول الجمهور لما يقدم له، كان خاطئًا بكل تأكيد.. فقط ما جرّبته نجح، وما وثقت به بإحساسى لاقى إقبالا واسعًا لدى الجمهور، صنعت «حين ميسرة» و«الريس عمر حرب» و«دكان شحاتة» بشعورى الداخلى،  وكذلك فكرت فى «كارما» دون ارتباط أو جدل، خاصة أن المجتمع المصرى تغيّر، مرّت 7 سنوات كفيلة بتبدل الحسابات والأفكار.

هل يؤمن خالد يوسف بقانون «الكارما»؟

ـــ مئة فى المئة، فلن يكون هناك عادل أدهم، ما لم يوجد مبدأ «كما تدين تدان».. المشكلة فقط تكمن فى الناس التى كانت تختزل فكرة ثواب وعقاب الدنيا فى أن الشرير سيأخذ نصيه التلقائى والمؤلم بشكل مباشر، رغم أن الثواب والعقاب فى الدنيا يكمن فى «الشقاء والسعادة»، بما يعنى أن الأفعال الشريرة ستجعلك تشعر دائمًا بالضيق والتعاسة، والعكس الأفعال الطيبة ستعود عليك بلحظات من الجمال والخير.

وما هى الرسالة التى تحملها «كارما»؟

ـــ لا أريد رسالة مباشرة للمتفرج، فلو أردت إيصال فكرة ما بشكل واضح، سأقوم بعمل حوار صحفى فحسب، ولكن من خلال الفيلم يفهم المتلقى ما يشاء وعلى حسب درجة الاستيعاب لديه سيفهم الرسالة التى تناسبه لكن فى إطار واحد وهو المقصود من مغزى الفيلم ورسالته الكليّة، فقد تعمدت مناقشة الإشكاليات وطرح الاسئلة.

  وكيف كانت ردود الفعل؟

ـــ كانت ردود الفعل من بداية العرض الخاص أكثر من إيجابية، وكان هناك استقبال حافل لى،  وهذا أسعدنى كثيرًا، إلى جانب الإشادات الكثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها.

وبماذا تقيّم عودتك البعيدة.. أتشعر بالرضا؟ *

ـــ «كارما» كما قدّمته أرضانى بشكل كبير، لكن إذا شاهدته بعد شهر واحد، لن أشعر بحجم هذا الرضا الآن.. لذا تعودت على عدم مشاهدة أفلامى بعد مراجعتها لآخر مرّة كنسخة للعمل فى شكله النهائى.

حاولت ولا تزال تكتشف عالم المهمشين من الداخل لتسلّط عليهم الضوء فى معظم أعمالك؟

ـــ عالم المهمشين هو الذى يعنينى وسيظل محل اهتمامى طوال عمرى،  لكن ركزت فى «كارما» على الفئتين معًا «الأغنياء والفقراء»، حاولت أن أقدم رصدًا للمجتمع المصرى بكل طبقاته تقريبًا، متضمنة رجال الأعمال والطبقتين الوسطى والفقيرة وكذلك المنعدمة.. هو فيلم استعراضى لمصر كلها.

وما سبب اتجاهك لعرض الفيلم على شرائح مختلقة، عبر مواقع التواصل الاجتماعى قبل العرض الجماهيرى، مثل المؤثرين؟

ـــ بعد غيابى الطويل، وبمجرد تفكيرى فى العودة، قررت أن أقوم ببعض التجارب لاختبار مدى تواصلى مع الفئات المختلفة للجمهور، وهل أنا بالفعل أستطيع التواصل كما كنت من قبل بين عامى 2000 و2010 أم لا، لذلك أحببت أن أقيس قدرتى على التواصل مع الشباب لأكون قريبًا منهم إلى حدٍ كبير.

وإلى أى مدى وجدت تواصلك مثمرًا؟

ـــ كانت تجربة مفيدًة جدًا بالنسبة لى،  واستطعت بالفعل متابعة ردود فعل الشباب فى أثناء مشاهدة «كارما»، ومتى شعروا بالملل وكذلك الاستحسان، وأيضًا فى أى موضع وجّهوا انتقادهم وكان لهم تعليقات على مشاهد بعينها.. ساعدتنى هذه الخطوة على فهم أشياء كثيرة وعلى إثرها قمت بتعديلات فى المونتاج.

 

قبل ليلة العرض الخاص.. فوجئ الجميع بمنعه، بجانب سجالات بين المنتج والرقابة، والتهديد فى بعض الأحيان باللجوء للبرلمان؟

ـــ فسر البعض خبر المنع ثم الموافقة فى بضع ساعات على أساس أنه نوع من أنواع الدعاية السلبية للفيلم، وهذا كلّه يكمن فى أزمة الرقابة وهوس المؤامرة، فمنه استنتج أنها مفتعلة، فهو شخص مصاب بخلل عقلى،  لا يتخيل أبدًا أن خالد يوسف سيقوم بتوظيف الأجهزة لديه لخدمة فيلمه، هل سأجنّد وزارة الثقافة مثلا، وأقول لهم «والنبى امنعوا الفيلم».. وهل الدولة فى مفهوم الناس «هتعمل حساب لخالد يوسف!!».

 لكن ماذا حدث؟

ـــ تم سحب ترخيص الفيلم رسميًا بقرار وزارى أمام الجميع، وبعد تدخل بعض الجهات، عاد الترخيص بالعرض من جديد.

وكيف وضعت سيناريو التعامل مع الأزمة فى ساعاتها الأولى؟*

ـــ كنت متأكدًا بنسبة مئة فى المئة أننى سأتمكن من عرض الفيلم وعندما أُخبرت بقرار سحب الترخيص، طلبت منه إعطائى جوابًا رسميًا بذلك، وتدور فى رأسى فكرة اللجوء إلى الحل القضائى آنذاك، بالتوجّه إلى محكمة القضاء الإدارى،  خاصة أن سحب الترخيص طبقًا للقانون، له محددات خاصة، تبدأ بتوجيه إنذار إذا تمت مخالفة شروط الترخيص، وهذا لم يحدث معنا، لذا كنت على يقين تام بأن القضاء الإدارى سينصفنى،  لكننى فضّلت اللجوء إلى أجهزة سيادية ترأس الجهاز التنفيذى فى الدولة، لأشكو لها حقى.

وما القضية التى من الممكن أن يشتبك من أجلها خالد يوسف فنيًا وسياسيًا؟ *

ـــ القضية الأساسية فى حياتى لها محوران، هما العدالة الاجتماعية وقضية الحرية، فأنا أناضل دائمًا من أجلهما فنيًا وسياسيًا طوال عمرى، لأننى رجل مقتنع بأن لا صلاح للأحوال دون عدالة اجتماعية، ولا نهضة للأوطان إلا بالحرية.

عود أحمد لفنك.. و«تقريبًا مفيش سياسة تانى»؟

ـــ مفيش سياسة تانى.

Sabahelkher