Monthly Archives

December 2014

تكريم المخرج خالد يوسف في الدورة الثامنة للمهرجان القومى للسينما المصرية – ديسمبر 2014

By | الجوائز

تحت شعار”من جيل لجيل” جاءت الدورة الثامنة عشرة من المهرجان القومي للسينما المصرية، والتي تنافس علي جوائزها مجمل إنتاج السينما المصرية خلال عامي 2012 و2013 سواء من الأفلام القصيرة و التسجيلية أو الطويلة.

خالد يوسف: شعبية السيسي تتراجع لاستخدامه أدوات مبارك – حوار

By | حوارات صحفية

الجمعة 05-12-2014 – 20:03 ص


انتقد المخرج السينمائى خالد يوسف ، أخطاء النظام الحالى بلا مواربة، مؤكدا أن هذا البلد لن يصنع مستقبله إلا الشباب المغيب عن جميع القرارات السياسية والاقتصادية، لافتا إلى أن الرئيس السيسى لن يصنع المستقبل الذي يحلم به إذا استمر في عدم احتوائهم. وقال «يوسف»، في حواره لـ«المصرى اليوم»، إن أحكام البراءة التي صدرت بحق مبارك وباقى أركان نظامه، لا تحمل أي درجة من درجات البراءة، ولكنها إعلان لفساد بعض التشريعات التي سدت المنافذ أمام القاضى لإقامة العدل، منوها بأن شعبية الرئيس السيسى تتراجع لاستخدامه نفس الآليات التي كان يستخدمها مبارك في حكمه للبلاد الذي امتد نحو 30 عاما.

وأضاف يوسف: «أعلم أننى سيتم تخوينى بعد أن قررت الإدلاء برأيى فيما أراه حقيقيا وصحيحا وبما يرضى ضميرى، فمصر تعيش حالة من المزاج الحاد نتيجة التقلبات العنيفة التي تعرضت لها البلاد، وأصبحنا نمارس ما كان يمارسه الإخوان ضدنا، وانتقلنا من حالة التكفير في عهد الإخوان إلى حالة التخوين، ضد من يخالفوننا الرأى»، محذرا من دفع من هم في خندق ثورة يونيو إلى خندق معارضيها، وإلى نص الحوار:

كيف قرأت أحكام البراءة التي حصل عليها مبارك وأعوانه في قضية قتل المتظاهرين؟

-دعونا ننظر إلى ما قاله القاضى نفسه إنه لم يستطع أن يطوع نصوص القانون لتحقيق معنى العدالة، وأقر بظلم القوانين وحمل من شرعها جريرة الظلم وهذا معناه أن هذا الحكم لا يحمل أي درجة من درجات البراءة لمبارك ورجاله، ولكنه إعلان بفساد بعض التشريعات التي سدت المنافذ أمام القاضى لإقامة العدل، وعموما أملنا في قانون العدالة الانتقالية الذي نص عليه الدستور وأملنا في تصديق الدولة على اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، التي تتيح محاكمة من ارتكب جرائم ضد الإنسانية داخل مصر وفى النهاية أكثر ما يهم أرواح الشهداء ليس القصاص وحده، وإنما أن يروا وطنهم ترفرف عليه رايات الحريات والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فإن كنا نسير في هذا الاتجاه فإن أرواحهم ستهنأ وتهدأ نفوس أهلهم، أما إذا لم يتحول ما خرجوا من أجله إلى واقع على الأرض وحتى لو أخذنا لهم القصاص فلا راحة لروح شهيد ولا هناء لأهله.

لماذا علت نبرة الانتقاد لنظام 30 يونيو خلال الآونة الأخيرة من محبيه وداعميه؟

-النظام ليس له علاقة لكن المجتمع هو الذي لم يعد يحتمل، المزاج العام أصبح حادا جدا وكل الأمور إما أسود أو أبيض وان كان هذا ناتجا من إدراك الشعب المصرى للخطر الداهم الذي يهدد الدولة، وخوفه أن يمنح النقد أعداء الدولة فرصة للانقضاض عليها، وأنا أتفهم وأقدر هذا المزاج العام، إذ إن الحدة الشديدة ناتجة عما حدث في مدة العامين والنصف الماضية من أحداث جسام، أحداث سيتوقف عندها التاريخ كثيرا بل سيتعجب منها، ففى التراجيديا الإغريقية عندما دخل الملوك إلى السجون ثم خرجوا كان ذلك هو ذروة الخيال، لكن نحن نتحدث عن حاكم خرج من الحكم ودخل السجن وآخر جاء من السجن وجلس على كرسى الحكم، ثم عاد إلى السجن مرة أخرى، لكن يجب أيضا تقدير خطورة هذا المزاج الحاد وإذا استمر سيدفع أشخاصا من خندق ثورة يونيو ووضعهم في خندق المعادين لها بل للدولة في مرحلة ما إذا ما تطور الأمر.

بمعنى؟

-عندما يستمر الناس في تخوين بعضهم البعض نتيجة أي نقد، فإن الشخص المُنتقد سيصبح عنيدا أمام الهجوم عليه وقد يزيد من نقده، وفى ذلك خطر على الدولة.. وأنا أعتقد أن إصدار قانون التظاهر في ديسمبر 2013 كان بمثابة دق إسفين في تحالف 30 يونيو و25 يناير، إذ إنه ومن تلك اللحظة ونحن ندفع بأناس من خيرة وأشرف رجال الوطن إلى خارج حظيرة الوطن بسبب حالة المزاج العام وخطورة ذلك أنه سوف يقسم المجتمع إلى نصفين مرة أخرى.

ما هو دور النظام في شيوع تلك الحالة أو كبح جماحها؟

– دور النظام أن يستوعب من ينتقدوه ويعطى درسا في الديمقراطية حتى يٌهدئ من المزاج العام الحاد ضد منتقديه، لا أن يترك منتقديه فريسة للشارع وللمزاج الحاد، وإن كنت على يقين أن النظام نفسه يرحب بالنقد وليس لديه هذا المزاج الحاد ضد منتقديه.

ما دليلك؟

-عندما حصل الفنان خالد أبوالنجا على جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائى، وجدت من هم قلقون للغاية من أعضاء المهرجان من إعلان النتيجة، رغم أنه لا توجد علاقة بين رأى الفنان السياسى وفنه، وقمت وقتها بإجراء اتصال بالرئاسة لأستطلع رد الفعل فوجدت أن مؤسسة الرئاسة ليس لديها أي مشكلة في أن يقول أو ينتقد أي شخص النظام.

هل اتصلت لتحصل على إذن بمنحه الجائزة أو حجبها؟

– لا على الإطلاق وحتى ولو كان رد الرئاسة عدم إعلان الجائزة أو عدم منح خالد أبوالنجا إياها ما كنا سنمتثل، إنما الاتصال كان من باب التهدئة من روع القلقين ولأتأكد بنفسى أننا نسير في الاتجاه الصحيح وأن الرئاسة تحترم الرأى الآخر، وعندما قلت لأحد القائمين على مؤسسة الرئاسة إن لدى تخوفا من أن يتم التحرش أو الاعتداء على خالد أبوالنجا من بعض الأشخاص المتحمسين للنظام بعد إعلان الجائزة كان ردهم واضحا وهو استعدادهم التام لتوفير الحماية الكاملة له، ما يعنى أن رد فعل مؤسسة الرئاسة المتفهم للنقد لم يصل للناس، لذا أرى أن النظام مقصر في ذلك حيث إنه لا يرسل رسائل طمأنة للجماهير التي تعارضه ورسالة أخرى للجماهير التي تؤيده، مفادها أن تحملوا المعارضين.. وترك المعارضين للمؤيدين يقصونهم ويسبونهم وينكلون بهم وبسمعتهم.

كيف ترسل مؤسسة الرئاسة هذه الرسائل من وجهة نظرك؟

-بالأفعال وليس بالكلام، وعبر فتح قنوات حوار مع المعارضين مثل خالد أبوالنجا والكاتب وحيد حامد والكاتب بلال فضل، ونفهم منهم لماذا يقولون هذا الكلام وما الخطأ الذي يرونه، فلا يمكن لأى نظام أن يستقيم إلا إذا استمع إلى معارضيه بإنصات شديد.

لماذا لم يقابل الرئيس السيسى حمدين صباحى حتى الآن؟

-هذا ما يجب أن يفعله، وإن كنت أقدر حجم المسؤولية الملقاة على الرئيس والأعباء الجسيمة والمخاطر التي تواجهها الدولة التي تجعل كثيرا من الأمور لا تسير بشكل سليم، وهذا ليس التماس أعذار له ولكنه واقع.

لماذا سبق وصرحت بأن شعبية السيسى تناقصت وما هي دلائلك؟

– كان كلامى ردا على استطلاع أجراه مركز بصيرة بأن شعبية الرئيس تناقصت من 97% إلى 85% وقلت إن هذا شىء طبيعى، فلا يمكن أن يظل له نفس الشعبية حتى ولو حقق إنجازات كبرى، فبعد مرور 4 سنوات مثلا ستكون قد تناقصت كثيرا عن شعبيته وقت توليه الحكم، وهذه هي طبيعة الأمور، لأن هناك أناسا أضيروا من قراراته، فلن ترضى كل القرارات كل الناس وإن كانت الأفضل للبلاد.

بعيدا عن التناقص الطبيعى.. هل تعتقد أن الأداء الحكومى ساهم في سرعة تناقص تلك الشعبية؟

– طبعا وبلا أدنى شك، الأداء الحكومى ساهم بنسبة كبيرة حيث يوجد احتقان في الشارع، وبين طبقات الفقراء الذين صبروا طوال الأربع سنوات الماضية، بل وصبروا طوال الـ30 عاما الماضية، رغم أن هذه الطبقة، التي هي تحت خط الفقر، صاحبة جميل على المصريين، فأى شعب مهما كان تحضره، ولديه هذه الطبقة في ظل الانفلات الأمنى وغياب الدولة كان سيواجه كوارث لا حصر لها، حيث كان من الممكن لهذه الطبقة أن تأكل الأخضر واليابس، كانت سترتكب كل أنواع الجرائم من قتل وسرقة ونهب ضد الطبقات الأعلى، لكن هذا لم يحدث في مصر، وهذا أكبر دليل على نبل هذه الطبقة بل هي أنبل الطبقات والأكثر صبرا على البلاء، وحتى الآن لم تحصد ثمار الثورة.

الرئيس تولى الحكم منذ أشهر معدودة أليست المدة غير كافية ليطالب البعض بحصاد الثمار؟

– هذا الكلام صحيح، ولا يشترط أن يحصد الفقراء الثمار الآن ويأكلونها، ولكن أضعف الإيمان أن يشموا حتى الرائحة، أي بصيص من الأمل لهم، لكن ما يحدث هو العكس تماما فقد زادت معاناة الناس.

هل ذلك نتيجة عدم صحة القرارات أم أنها لا تصب في صالحهم؟

– أولا القرارات لا تصب في صالحهم، إنما تصب في صالح دولة رجال الأعمال. مازالت القرارات الاقتصادية تصب في صالح فكرة إغناء الغنى وإفقار الفقير، ومثال على ذلك عندما قررت الدولة رفع سعر السولار والبنزين، صب القرار في صالح الأغنياء تماما، وكان من الأجدى رفع سعر البنزين على الأغنياء، وفرق الأموال ندعم به الفقراء فلا تدفع الدولة دعما، أما عن مدى صحة القرارات من عدمها فتجدين أن مشكلة مصر دائما إما قرار غير مدروس سريع أو قرار مدروس بطىء، وفى الحالتين النتائج كارثية.

إذا كانت الحلول التي تحقق العدالة الاجتماعية على قارعة الطريق هكذا.. لماذا لا تأخذ بها الحكومة؟

– المشكلة أن الحكومة تبلغ الرئيس بأنه إذا لم يتخذ القرار في هذا الأمر بسرعة، فسوف يؤدى ذلك إلى كارثة، ويصورون له الأمر وكأن الدولة ستنهار أو ستفلس لو أنه لم يتخذ القرار على النحو الذي تم تصويره له، ورأيى أن هذه المؤسسات ترهب الرئيس وتمارس عليه الإرهاب.

من تقصد بالمؤسسات؟

– لا أستثنى أحدا، مازالت مؤسسات الدولة هي نفس مؤسسات مبارك، تفكر بنفس فكر مبارك وجمال مبارك، فهم يتحدثون عن أحداث النمو على نفس طريقة أحمد نظيف، النمو كأرقام بغض النظر عن نوعية الاستثمارات التي ستحقق النمو، وهل ستكون في المجالات كثيفة العمالة أم لا، وما مدى انعكاس عائدها على الطبقات الفقيرة، حتى الآن يتحدثون عن أرقام الاستثمارات القادمة دون أن يطلعونا على خطتهم ونوعية الاستثمارات التي يسعون لجلبها، لم يتغير أي شىء في فكر كل مؤسسات الدولة، فهى تربت في كنف مبارك.

حتى الوزراء الحاليون؟

– حتى الوزراء الحاليون، رغم أن معظمهم طاهر اليد إلا أنهم من نفس صندوق مبارك.

وما الحل؟

– رأيى أنه يجب على الرئيس أن يخرج خارج صندوق مبارك تماما، فهل يعقل أنه لا توجد في مصر شخصيات مؤهلة غير الدكتور كمال الجنزورى، رغم حبى لهذا الرجل، والدكتورة فايزة أبوالنجا مع الاحترام لها، مصر ولادة وبها كفاءات كبيرة، ثقى أن لدينا عشرات من الأصوات الرائعة مثل أم كلثوم، ولكن مشكلتنا أنه ليس لدينا أبوالعلا محمد، الذي يذهب إلى قرية طماى الزهايرة لكى يختار ويجلب فتاة موهوبة لتكون أم كلثوم، «مشكلة الرئاسة أنها لم تحاول البحث عن الكفاءات واعتمدت على المحيطين ومن هم في الصورة».

ما تقييمك لأداء إبراهيم محلب رئيس الوزراء؟

– رجل مخلص ووطنى ويبذل أقصى جهده، لكنه ليس رجلا سياسيا.

يقولون إن مصر تحتاج إلى تكنوقراط، خاصة أن السياسيين خذلونا طوال السنوات الماضية؟

– ليس مطلوبا لكى يكون المسؤول سياسيا أن يكون مارس عملا حزبيا، لكن أن يكون له اشتباك مع العمل العام، وأن يكون له رؤية للواقع، وليس موظفا، نحن لسنا بحاجة للتكنوقراط، ولكن إلى سياسيين يدركون ليس فقط صناعة القرار إنما توقيت إعلانه وكيفية إعلام الشارع به، فعندما طلب الرئيس الاستعانة بأربعة معاونين للوزراء ذهبوا وأتوا بالمعاونين من داخل الوزارة وليس من خارجها، وهذا لن يصنع مستقبلا، فنحن نحتاج إلى معاونين من خارج الوزارة حتى لا يكونوا متأثرين بثقافة الموظفين، أما أن تأتى بموظف وتضعه إلى جوار الموظف الأكبر وهو الوزير، ليصبح يوما ما موظفا هو الآخر بدوره بدرجة وزير، إذن نحن لم نفعل شيئا وستبقى ثقافة الموظف هي الحاكمة للمؤسسات، وهى ثقافة لا تصنع مستقبلا. فطه حسين كان يقول «أحذركم من ثقافة الموظف فهى لا تساعد في تقدم مجتمعات» وإنما ستعوق الرئيس.

ماذا سنفعل إذن بأكثر من 6 ملايين موظف في الجهاز الإدارى؟

– يمكن أن تديرى عقلية الـ6 ملايين موظف بصورة إيجابية، وليست معوقة، الحل الوحيد هو وضع قيادات جريئة معروف عنها الرؤية السياسية والجرأة والقوة في اتخاذ قرارات ليست تقليدية، على أن تؤمن لهم الدولة ذلك بتشريعات تحميهم. جمال عبدالناصر عندما قام بتأميم قناة السويس قالوا عنه إنه رجل متهور ومجنون، لذلك نحن بحاجة في الإدارة إلى بعض التهور وبعض المتهورين للخروج من الصندوق.

في رأيك لماذا تحول الشباب إلى معضلة للنظام الحاكم؟

– الفجوة بين أوساط الشباب والنظام سيتم تركها حتى تتحول إلى كرة الثلج، التي تتضخم كل يوم، فقطاع عريض من الشباب في الجامعات وخارجها غير راضين عن النظام ويعانون من احتقان شديد، رغم أنهم ليسوا من الإخوان. الشباب هم زاد الوطن وثروته، وهم إما أن يبنوا الوطن أو يهدموه. والشباب للأسف أصبح منعزلا وعازفا عن المشاركة.

ماذا يعنى ذلك؟

– يعنى أن النظام لا يعرف كيف يحتوى الشباب، لا يوجد تواصل معهم، وفى لحظة ما شعر الشباب أنهم يخرجون من اللعبة السياسية ويطاح بهم.

هل تقصد شباب الأحزاب والحركات السياسية أم الشباب الذي يمثل 60% من التركيبة السكانية في مصر؟

– أقصد الشباب بشكل عام إذ إن قطاعا منهم يشعر بالتهميش، وقانون التظاهر أحد تلك الأمور التي تثير حنق الشباب.

ليس كل الشباب يهمه قانون التظاهر.. فشباب مصر يريد وظيفة وشقة وحياة كريمة؟

– نعم، معك حق لكن حتى هؤلاء لم نفعل لهم شيئا.

لكن الوطن تضرر كثيرا بسبب التظاهرات غير المنضبطة؟

– المجلس القومى لحقوق الإنسان نفسه التابع للدولة انتقد قانون التظاهر، وأشار إلى أن هناك مواد بها تعسف شديد في استخدام هذا الحق، فهذا القانون متصادم مع الدستور، وعندما يعرض على المحكمة الدستورية سيسقط.

لنفترض أن الرئيس أمر بتعديل قانون التظاهر هل سيحل ذلك مشكلة الشباب؟

– لا بالتأكيد لكنه إحدى خطوات الحل والتهدئة، والحل يكمن في التواصل مع الشباب.

كيف يكون التواصل؟

– عمل مؤتمر قومى للشباب يتقابلون فيه مع الرئيس شخصيا، فقد كان جمال عبدالناصر يقابل الشباب مرتين في العام، ويستمع لهم لمدة تصل إلى ثلاث ساعات، فليجتمع مع شباب الجامعات الغاضب الذي يقوم بمظاهرات، الذي لا ينتمى للإخوان للتعرف على سبب غضبهم واحتوائهم، ويمكن التواصل معهم بسهولة عن طريق رؤساء الجامعات، فكيف يبنى الرئيس مستقبلا لهؤلاء وهم ليسوا متواجدين في خطة صناعة المستقبل، أي مستقبل يبنيه وصناع وأصحاب المستقبل الحقيقى غاضبون، هذا يعنى أنه لن يصنع مستقبلا لهذا الوطن.

يقولون إن الشباب ليس لديه خبرة سياسية وإدارة البلاد تحتاج إلى خبرة وحكمة الشيوخ؟

– يا سيدتى نهضة مصر في الخمسينات والستينات حدثت ليس لأن جيل الحكم وقتها كان جيلا وطنيا لكن لأنه أيضا كان جيلا من الشباب فكان لديه الجرأة والجسارة، وقد أتوا بفتحى رضوان والدكتور القيسونى بجانبهم للاسترشاد بخبرتهما أي أن كبار السن عملوا كاستشاريين بينما روح الشباب هي التي تحكم البلد فقفزت مصر إلى أعلى، أما الوضع الآن فهو العكس تماما دولة العواجيز هي التي تحكم والشباب بعيد تماما.

هل يمكن أن تعترف بعد كل ما قلت أن الدستور الذي شاركت في صناعته الآن قد تم وضعه على الرف؟

– بلا أدنى شك أعترف بذلك.. فالدستور يتحدث عن أن الضرائب يجب أن تكون تصاعدية ولم ينفذ، احترام الحقوق والحريات فصدر قانون التظاهر مخالفا لذلك، نص على ضرورة مراعاة البعد الاجتماعى ومع ذلك لا يوجد قرار اتخذ لحماية الفقراء حتى الآن.

ما رأيك في الأصوات التي تنادى بأنه يجب تغير الدستور الآن بدعوى أن البلد لا تحتمل الديمقراطية؟

– هذه الأصوات يجب أن تخرس تماما، من يقول بذلك لديه أشواق لصناعة ديكتاتور آخر وفرعون جديد، بل يهينون الشعب المصرى فلا يوجد دول جاهزة للديمقراطية ودول غير جاهزة، الناس تمارس الديمقراطية وتصوب الأخطاء من خلال الممارسة، هذا ما عملته انجلترا أعرق ديمقراطيات العالم، أخطات وصوبت أخطاءها حتى أصبحت الآن أحد أهم الدول التي تمارس الديمقراطية في العالم. باختصار هذا الدستور متوازن ويتسق مع نضال الشعب المصرى.

لكن من ينادى بالتعديل الدستورى يتخوف من أن يتحول البرلمان القادم إلى معوق لأداء الرئيس؟

– مهما كانت هوية البرلمان فأنا أتصور بأنه لن يخرج عن سلطة الرأى العام، ولو وصل بعض الانتهازيين للبرلمان، ودفعوا في اتجاه تشريعات لصالح الأغنياء فسوف يواجهون بانتقادات حادة من الفقراء في دوائرهم فالشعب أصبح له سلطة، ولم يعد كما كان.

ما شكل البرلمان القادم وهويته من وجهة نظرك؟

– البرلمان القادم سيكون سمك لبن تمر هندى ولكنه لن يستطيع أن يخرج عن مطالب الشعب المصرى، لذا لست أخشى البرلمان القادم.

لماذا لم يتم إنهاء قانون تقسيم الدوائر حتى الآن؟

– هذا يأتى أيضا ضمن حالة الإرهاب التي تمارس على متخذى القرار بأنه لا يجب أن يصدر تقسيم الدوائر قبل تقسيم المحافظات لأنه سيتسبب في حل مجلس الشعب، وأنا أرجو من الرئيس أن يؤجل التقسيم الإدارى لأنه غير مدروس، ويجب إجراء حوار مجتمعى بشأنه فلا يمكن تقسيم محافظة البحر الأحمر دون عمل حوار مع أهل المحافظة، ولا يمكن تقسيم حلايب وشلاتين ووضعها في محافظة واحدة مع أسوان دون حوار مجتمعى مع أهلها، فهذا ضد ثوابت الأمن القومى، فالمنطق الحاكم للتقسيم الجديد متعارض مع بعضه وأنا لا أعلم لماذا تكبر محافظات مثل الجيزة وأسيوط وتصغر محافظات مثل الوادى الجديد، ما هو المنطق الحاكم للتكبير والتصغير.

في تقديرك من هو عقل الدولة؟

– حتى الآن لم يتشكل عقل سياسى للدولة والأساس أن تكون المؤسسات هي عقل دولة، شريطة أن تكون ثابتة وراسخة، لذا من الأجدى أن يكون عقل الدولة متمثلا في المجلس الاقتصادى والاجتماعى الذي تم الإشارة إليه في الدستور إلى جانب مجموعة من المستشارين السياسيين للرئيس، يكون لهم اتصال بالمؤسسات الأمنية والبحثية والإحصائية بحيث تكون الدولة بكل مؤسساتها أمامهم لعمل رؤية متكامله لحل المشكلات، فلا يجب أن ألقى أحلام الوطن بأيدى التكنوقراط.

إذن على من يعتمد الرئيس في قراراته؟

– حتى الآن يعتمد على نفسه وهذه هي المشكلة، لأن لديه ضغوطا كبيرة ولديه تحديات ضخمة، واعتماده على نفسه خطأ فادح لأنه أرجعنا إلى دولة «بناء على توجيهات سيادة الرئيس».

هل يثق الرئيس في المؤسسة العسكرية أكثر من المؤسسات المدنية؟

– نعم بكل تأكيد وهذا يرجع لعشرته معهم من ناحية ولأن المؤسسة العسكرية منضبطة وسريعة الإنجاز لكن المشكلة أنه يجب أن تتعدد أدوات الرئيس التي يعتمد عليها.

ما هو محل النخبة السياسية من الأعراب في جملة الأحداث السياسية الآن؟

– النخبة هي أحد أمراضنا التي يجب أن تعالج، لديهم ضيق أفق للأسف، فكل الأحزاب مريضة بأمراض نظام مبارك بعد أن قضى مبارك على الحياة الحزبية في مصر، حتى الأحزاب التي تشكلت بعض الثورة تجدين قياداتها قد خرجت من كنف مبارك، نحن بحاجة إلى أحزاب شابة لخلق حياة حزبية جديدة.

هل رؤية الدولة في الحرب على الإرهاب تسير في الاتجاه الصحيح؟

– الأمن يبذل أقصى ما في وسعه، لكن على أي حال لا يجب محاربة الإرهاب بالأمن وحده إنما بالنهوض الاقتصادى والتنمية، وهذا ما فعله عبدالناصر فلم يحارب الإخوان بالسلاح بل أعطى الفلاحين 5 أفدنة واحتوى الشعب في حضنه، وعندما حان الوقت لوضع الإخوان في السجون كان الشعب معه مؤيدا لقراراته، محاربة الإرهاب تبدأ بتمكين الشباب والقضاء على البطالة

Almasryalyoum

«رسالة مفتوحة» من خالد يوسف إلى «السيسى» بعد أحكام «البراءة للجميع»

By | مقالات

الثلاثاء 02-12-2014  09:53 م

سيدى الرئيس.. كل ما أبلغت به النائب العام أريد أن أطلعك عليه لأنك المسئول الأول عن البلاد والعباد ولأن هناك قرارات تخرج عن اختصاص النائب العام وتدخل فى صلاحياتك باعتبار أنك تملك حق التشريع وتملك التصديق على المعاهدات الدولية إلى أن ينتخب مجلس النواب.

ولكن فى البداية أود أن أعلن للذين سيهرعون لسبى وشتمى فور فروغهم من قراءة عناوين المقال، أعلن لهم أن ما سأقوله هو جهد مخلص منى قد ينير إضاءات فى طريقكم ومن ذات الخندق الذى تقبع فيه مدافعاً عن هذه الأمة ضد قوى الشر والإرهاب من أصحاب النظام السابق وضد قوى الفساد والإفساد من أصحاب النظام الأسبق، وقد ألتمس عذراً لهؤلاء الذين سيشتموننى لإدراكهم حجم التحدى الذى نواجهه والمؤامرة التى نتعرض لها بجعلنا جميعاً بحاجة إلى الاصطفاف، وهذا ما أسعى إليه من خلال هذه الرسالة وأستثنى منهم هؤلاء الأفاقين الذين يعتقدون أنه بتأليهك (والهبش) فيمن يقترب منك هو شهادة ميلاد جديدة لهم بعد إعلان وفاة نظامهم فى 25 يناير.

إن الشجون كثيرة سيادة الرئيس منها ما أسلفته فى بلاغى للنائب العام وبعضها ما أكتبه لك الآن:

القضية الأولى ثورة 25 يناير ورجال نظام مبارك

إننى أعرف مدى إيمانك بثورة 25 يناير ولا يشكك فى هذا الإيمان إلا رجال النظامين الساقطين ومَن والاهم وتبعهم وكلهم لديهم أغراض، المدهش أنها متعارضة، ولن أتعرض للساقطين من نظام الإخوان لأنها قضية محسومة لدى الجميع الذى يصطف فى مواجهتهم، ولكنى سأتعرض لرجال نظام مبارك الذين ما إن نجحت ثورة 30 يونيو فى إزاحة الإخوان حتى تصوروا أن الفرصة قد واتتهم مرة أخرى، مستغلين أن المصريين قد أيقنوا أن نظام الإخوان أكثر إجراماً من نظام مبارك ولابد أن يعود المصريون لرشدهم ويرضوا بهم أبد الدهر ولكن كانت أمامهم عدة عقبات، أهمها أن الثورة التى أسقطت نظامهم فى 25 يناير لها صاحب وهو الشعب المصرى وما زال يؤمن بها وبأن 30 يونيو هى ثورة مكملة ومصححة لما وقعت فيه الثورة الأولى من أخطاء فبدأوا فى خلق التناقض بين الثورتين وشق صف تحالف 25/30 وبدأوا فى حرب إعلامية لتشويه كل رموز الثورة ونعتهم بالمأجورين بل وإدخال الثورة إلى نفق المؤامرة الدولية التى حيكت بليل ضد مصر وأهلها ونظامها وتناسوا أن ادعاءهم هذا يدخل الشعب المصرى فى خانة الشعوب العبيطة التى انساقت وراء عشرات أو مئات من الخونة المأجورين ونزلوا وراءهم بالملايين فى الميادين وظلوا لمدة 18 يوماً (واكلين داتورة) مغيبين، حتى تحقق للخونة مرادهم ونسوا أن بالبلاد قوات مسلحة لها أجهزة مخابراتية كنت أنت على رأسها ولو كنت تعلم صدق حرف مما يقولون ما كنت تركت مجلسك العسكرى يضرب تعظيم سلام لشهداء الثورة وما كنت جئت على أساس دستور يقر فى ديباجته بعظمة ثورة 25 يناير وما كنت أشدت مرات ومرات فى خطبك فى الداخل والخارج بها وحتى آخر تصريح رسمى للرئاسة قلت فيه رداً على من يدّعى أن أحكام البراءة تعنى عودة نظام مبارك برجاله وسياساته، قلتم إن مصر الجديدة التى تمخضت عن ثورتى 25 و30 ماضية فى طريقها ولا يمكن أن تعود للوراء، فهل يكفيهم كل ذلك ليصمتوا ويجنبونا الدخول فى متاهات لا يستفيد منها غير الإخوان وأعوانهم؟ أم أنهم بحاجة لمخبر صغير من أى مؤسسة أمنية يقول لهم ذلك فيخرسوا للأبد؟ ويبدو أنهم بحاجة لذلك لسابق تعودهم.

سيادة الرئيس.. كل ما نطلبه منك فى هذا الإطار ليس إسكاتهم، مع أن سكوتهم فى صالح الوطن ومستقبله، ولكننا كما نعشق الوطن نعشق قيمة الحرية، فنحن -المرابضين طوال عمرنا دفاعاً عن حرية التعبير- لا يمكن أن يخطر ببالنا أن نسعى للتضييق عليها، فلطالما كنت نقول إن تجربة الديمقراطية تصحح نفسها بنفسها (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ) صدق الله العظيم.

كل ما نطمع فيه أن تقول لهم ما هو موجود فى تقارير أمامك.

كم من ملايين المصريين المصابين بأمراض الكلى والكبد والسرطان؟ بل إن السواد الأعظم من شعب مصر لا يجد الحد الأدنى من الرعاية الصحية ويموت الآلاف منهم يومياً بسبب سوء أو فساد منظومة الصحة. كم من ملايين المصريين العاطلين عن العمل فى واحد من أكبر البلاد إهداراً لطاقتها البشرية؟

كم من ملايين المصريين العاجزين عن تدبير قوت يومهم وكم منهم يزحف على بطنه كى يأكل؟

كم من ملايين المصريين من خريجى الجامعات أو المعاهد أو من الحاصلين على تعليم متوسط ولم يتعلموا شيئاً لأنهم تعلموا فى ظل واحد من أسوأ أنظمة التعليم فى العالم بعدما كنا من أحسن عشر دول فى التعليم فى الستينات؟

كم من ملايين المصريين المحرومين من خدمات أساسية تحقق الحد الأدنى للكرامة الإنسانية مثل المياه الصالحة للشرب أو الصرف الصحى أو الطرق المعبّدة أو وسائل مواصلات؟

قل لهم سيادة الرئيس إن 25 مليون مصرى دخلهم يقل عن 300 جنيه، و50 مليون مصرى دخلهم أقل من 1500 جنيه، بما يعنى أننا أمام 75 مليون مصرى، أى أكثر من 80٪، قد أصبحوا فقراء بعد أن كان فقراء مصر قبل حكم مبارك لا يزيد على 20٪، وإمعاناً فى المأساة وبفضل مبارك ونظامه وسياساته ورجاله الذين أغنوا الغنى وأفقروا الفقير أصبح 85٪ من الناتج القومى يملكه 6٪ من الشعب لتصبح مصر بها أغنى طبقة فى المنطقة وأفقر شعب.

وبعد أن تقول لهم.. أقول لك: أليس كل ذلك بحاجة إلى محاسبة، ألا يستحق هذا التحالف الذى حدث فى عهد مبارك بين الثروة والسلطة أن نحاسبه ونستعيد حقوق هذا الشعب الغلبان من ثروته التى نُهبت، وأراضيه التى وُزعت وصُقعت، ومصانعه وشركاته التى خربوها وباعوها بأبخس الأثمان؟

هل هناك شخص فى مصر يستطيع أن ينكر تزوير الانتخابات فى عهد مبارك، هل تزوير إرادة الأمة لا يحتاج إلى محاسبة، أليس هذا التزوير هو ما أدى إلى غابة من التشريعات الفاسدة والقوانين التى فُصلت على مقاس فسادهم وكفلت لهم السرقة والاستيلاء على المال العام، ومن ثم بعد ذلك هى نفس القوانين التى بمقتضاها قد خرجوا براءة من كل القضايا التى حوكموا فيها، أليست هذه القوانين هى التى جعلت المستشار الرشيدى يقول فى ديباجة حكمه وحيثياته بأنه لم يستطع تطويع القانون للوصول لمعنى العدالة، وطالب المشرّع بمراجعتها، وقال صراحة إنها قوانين ظالمة، وحمّل جريرة الظلم على مَن سَنَّ القوانين.

هل تفريغ الحياة الحزبية من محتواها والتضييق على الأحزاب ومنعها من الوصول لتكوين قواعد شعبية وإذكاء الصراعات داخلها عن طريق جهاز أمن الدولة، ألا يعتبر ذلك جريمة فى حق هذا الوطن الذى كان يتوق إلى صنع حيوية سياسية تكفل له حق تداول السلطة؟

أليس ذلك هو من جعل تنظيم الإخوان باعتباره الكيان السياسى الوحيد القادر على الحركة تحت الأرض أصبح هو الوحيد الجاهز والمؤهل لكسب الانتخابات بعد الثورة، حتى إرهاب الإخوان وأعوانهم وذيولهم الذى نعانى منه لا أتجنى عليه إن قلت إنه ونظامه أحد الأسباب الكبرى لترعرعه، فهو الذى أقام دولة الظلم والفساد التى مهدت لهذه الأفكار طريقاً لعقول هذه الفئة الضالة.

أليس نظام مبارك هو المسئول عن دهس قيم الديمقراطية، والذى يجب أن نحاسبه على عدم اللحاق بالبلاد التى ارتضت واستقر فى وجدانها أن الديمقراطية هى الوسيلة الوحيدة لحصول المجتمعات على حريتها فى اختيار حكامها ونوابها والحفاظ على حقوق وحريات الإنسان؟

هل امتهان كرامة الإنسان المصرى داخل أقسام الشرطة فى عهد مبارك كان خافياً على أحد، ألم تُنتهك حرمة الحياة الخاصة للكثير من مواطنيك وهى الحرمة التى نصت على احترامها كل دساتير العالم بما فيها كل دساتيرنا.

إن مبارك قد قضى على كل القيادات الوسطى ببقائه هو ورجاله على كراسى السلطة لثلاثين عاماً، حتى ترك مصر بعد رحيله عن الحكم وهى خاوية على عروشها، وهو ما اضطر كل رؤساء وزارات ما بعد الثورة أن يمدوا أيديهم فى صندوق مبارك من العواجيز كى يسندوا لهم الوزارات والمؤسسات.. ألا يعتبر سد منافذ الأمل أمام أجيال وراء أجيال فى تولى المسئولية وحرمان مصر من هذه الطاقات جريمة لا تسقط بالتقادم، لقد وصل العبث أنه عبر ثلاثين عاماً لم يجد رجلاً فى مصر يستحق أو مؤهلاً لمنصب نائب الرئيس.

سيدى الرئيس.. إن هذه التركة الثقيلة التى تتحملها اليوم لم تهبط عليك من السماء فجأة ولكنها مسئولية نظام ورئيس يجب أن يحاسبا.

سيدى الرئيس.. الشعب أقر دستوراً به إلزام لخروج قانون للعدالة الانتقالية القائم على أساس المكاشفة والمحاسبة والتعويض، هل يحلم أهالى الشهداء ومعهم بقية أبناء الشعب المصرى من ضحايا العبّارة، إلى ضحايا قطار الصعيد، إلى ضحايا محرقة بنى سويف، إلى كل ضحايا نظام مبارك، أن تكلف لجنة الإصلاح التشريعى بدراسته وسرعة صدوره لعودة الحقوق لأصحابها ونستمع لنصيحة المستشار الرشيدى الذى قال فى حكمه بالبراءة «ما كان يجب الولوج فى هذه المحاكمة عملاً بكود قانون العقوبات».

هل لنا أن نطلب منك أن تصدّق على اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية التى وقعتها مصر منذ سنوات ولم يتم التصديق عليها للآن حتى يتسنى لنا محاكمة كل من ارتكب جرائم ضد الإنسانية سواء فى الماضى أو المستقبل؟

هل لنا أن نحلم أن يحاسب كل المفسدين من ناهبى قوت الشعب وتعود الأموال المنهوبة ما دمت قد أعطيتهم الفرصة تلو الأخرى للتبرع فتبرعوا بالفتات وبخلوا على شعبهم فى محنته.

القضية الثانية الشباب

أعرف مدى حرصك على التواصل مع أصحاب المصلحة الحقيقية فى المستقبل وهم شباب هذا الوطن النقى الطاهر ولن يمنعك تطاول عشرات منهم أن يضعوا حاجزاً بينك وبينهم.

إنه دون هذا التواصل المبنى على الثقة المتبادلة فى صدق النوايا لن نستطيع أن نبنى الوطن الذى حلمنا به جميعاً.

إن هؤلاء الشباب الذين خرجوا فى 25 يناير وكانوا طليعتها هم أنفسهم وبالتمام وبالكمال من قادوا وبادروا وكانوا طليعة 30 يونيو، بل إن بينهم من تحمّل مرارة سجون مرسى وإجرامه ولم يتخلَّ بينما كان الكثير من رموز نظام مبارك الذين يملأون الدنيا صياحاً الآن كانوا تحت الأسرّة مذعورين من انتقام الإخوان ومنهم من كان يخطب ودهم ويجوب مع رئيسهم الفاشل جولاته خارج البلاد والتى كانت أفشل منه.

إن شباب 25/30 هم من فكروا ووضعوا الخطوط العريضة لخارطة المستقبل التى عرضوها عليكم يوم 3 يوليو واستجبتم لها بعد قبول كافة القوى الوطنية ومؤسسات الدولة بها وساروا مع الدولة فى حربها ضد الإرهاب وكانوا الحاشدين يوم طلبت التفويض. ولنراجع مواقفهم من فض اعتصام رابعة، لم يشذ منهم غير عدد قليل لا يزيد على أصابع اليد الواحدة.

وكانت أغلبيتهم الكاسحة فى صف المطالبين بترشحك رئيساً.. لا بد أن نعترف أن بينك وبين قطاع منهم شرخاً بدأ منذ إصدار قانون التظاهر والقبض على بعضهم، ومن يومها والشرخ يتسع يوماً وراء يوم. لعلك تذكر سيادة الرئيس أن الدراسة بالجامعات المصرية بدأت بعد فض اعتصام رابعة بشهر تقريباً واستمرت الدراسة ما يزيد على الشهرين دون مظاهرة واحدة لطلاب الجامعات سواء إخوان أو غيرهم سوى فى جامعة الأزهر، وكانت محدودة، إلى أن صدر قانون التظاهر فى أوائل ديسمبر واشتعلت معظم الجامعات بمظاهرات ضد القانون، وكان الإخوان حتى هذا الحين لم يجرأوا على تنظيم مظاهرة واحدة داخل أى جامعة لغياب أى تجاوب أو تعاطف طلابى معهم، ولكنهم هذه المرة وجدوا الفرصة سانحة للركوب كعادتهم على هذه المظاهرات وحولوا مسارها السلمى للعنف، وسقط شباب أبرياء ما بين جريح وقتيل، وتم القبض على العشرات ثم المئات وبدأ الاحتقان يتزايد واستمرت المظاهرات المطالبة بالإفراج عن المعتقلين وبسقوط قانون التظاهر، ولم يكن معظم المعتقلين إخواناً بل إنهم كانوا من يرفعون صورتك فى ثورة 30 يونيو، والشرطة فى غمرة التصدى لعنف الإخوان لم تفرق بين الإخوانى وغير الإخوانى وأرسلت تحرياتها للنيابة فى معظمها باستعجال لم يمكنها من التدقيق، متهمة الجميع بأنهم تابعون لتنظيم الإخوان وممارسون للعنف والتخريب، وأمرت النيابة بحبسهم وجددت لهم الحبس مرات ومرات، وشعر الطلاب بالمرارة على حبس زملائهم وأحياناً بسبب سقوط شهيد ليس له علاقة بالأمر برمته، والمحزن أن إدارة السجون وضعت كل الطلاب فى زنازين حشرت فيها الطلاب الإخوان مع الطلاب العاديين لشهور طويلة كفيلة مع الظرف النفسى الذى يعانى منه الشاب أن يتعاطف مع الإخوان، وفى بعض الأحيان تم تجنيده بعد إجراء عملية غسيل دماغ، وللأسف إن من شم الغاز وهو فى عمر الشباب أو ضرب بعصى الأمن أو سجن يصبح وجوده دائماً فى كل المظاهرات، ويذكر الجميع أن الشرطة كانت تتصدى منذ فض رابعة والنهضة لمظاهرات مسلحة تقوم بأعمال عنف وتخريب وكانت ناجحة فى التصدى بقانون العقوبات وحده ولم تكن بحاجة لقانون التظاهر المشئوم الذى أدخل على الخط قطاعات من الشباب أبعد ما تكون عن الإخوان وجعلتهم فى مواجهة نظام هم الذين اختاروه ووجدوه المنقذ لهذا الوطن.. صحيح أن قطاعاً ليس قليلاً من هؤلاء الشباب قد أفرج عنه، والصحيح أيضاً أن قطاعاً ليس صغيراً ما زال قيد الاعتقال أو قد صدرت ضده أحكام، ويزيد الاحتقان يومياً بممارسات شرطية خاطئة تذكّر هؤلاء الشباب بما كانت الشرطة تمارسه ضد شعبها إبان حكم مبارك، وكان آخرها سقوط قتيلين فى مظاهرات عبدالمنعم رياض.. لا بد أن يفتح تحقيق جدى وشفاف يعرف فيه الشعب الحقائق، هل فعلها الإخوان المندسون كعادتهم، وما هو الدليل المادى الدامغ على ذلك؟ أم أن ذلك مسئول عنه طريقة الفض الغشيمة التى تتبعها الشرطة؟ عندئذ لا بد من حساب ومحاكمة ولا بد من تدريبات مختلفة غير التى تتلقاها القوات لنرى حرفية مختلفة تتفق مع ما وصل إليه العالم من تقنيات.

إن الشباب بحاجة إلى أن يروا الفرق بين نظام يستهين بأرواح شعبه ونظام يصنع المستحيل للحفاظ على هذه الأرواح حتى لو كانت تعارضه.

خلاصة القول أن هذا القطاع من الشباب، وبالطبع لا أقصد قطاع شباب الإخوان أو القطاع الضئيل من قوى ثورية احترفت المزايدة والشتائم والتطاول والتجريح والتخوين لكل من يخالفهم الرأى، وأعنى هنا وأتحدث عن قطاع عريض من الشباب مملوء بروح الثورة مصمم أن يرى وطنه يحترم الحريات وحقوق الإنسان، هذا القطاع لن يهدأ إلا بأن يرى شعارات ثورته ونصوص دستوره واقعاً متحركاً على الأرض، وكل يوم يمر ولا يرى أننا ماضون فى الطريق السليم يدخل فى مساحات من اليأس تنذر بكارثة، ومما يزيد من إحباطه تلك الحملات الموتورة التى تصفه بالطيش وبأنه مضحوك عليه وبأنه أداة فى يد الإخوان، وهو أبعد ما يكون عن ذلك، هؤلاء الشباب بحاجة إلى تقدير منكم وبحاجة إلى التفاتة مخلصة منكم وبحاجة إلى مد حبل الوصل بدلاً من القطيعة التى لن تفيد إلا أعداء هذا الوطن.

هؤلاء الشباب يطالبون بتعديل قانون التظاهر ليتفق مع صحيح الدستور، وهم على حق من وجهة نظرى، وبحاجة إلى تعليماتكم الحاسمة لجهاز الشرطة أن يبذل جهداً أكبر بكثير فى التحرى بدلاً من الاستسهال وحشرهم جميعاً فى خانة المخربين والداعين للعنف.

هؤلاء الشباب بحاجة إلى الإفراج الفورى عن زملائهم المقبوض عليهم على ذمة قضايا مخالفة قانون التظاهر وحزمة من الاتهامات المجهزة والمعلبة سلفاً والتى تلقَى عليهم بلا دليل غير تحريات الشرطة التى تحصر وتضطر النيابة إلى اتخاذ قرارات الحبس الاحتياطى.

هؤلاء الشباب يطالبون بالإفراج الفورى عن رموز ثورة يناير المحبوسين على ذمة قضايا التظاهر، ومحاكمة من تورط منهم فى قضايا التحريض على العنف أو التخابر أو العمالة أو تلقى الأموال غير المشروعة من دول أجنبية، حتى نفض هذا الاشتباك الحادث والالتباس فى موقف رموز ثورة يناير وننقى ثوبها الطاهر ممن يثبت عليه أى من هذه الاتهامات، بدلاً من التلسين والردح والمكالمات المسجلة المذاعة على الفضائيات فى انتهاك واضح للقانون والدستور. حاكموهم بتهمهم الحقيقية إن كانت هناك تهم (خلينا نخلص ونبص لقدام).

هؤلاء الشباب بحاجة إلى هذه الإجراءات وهى فى يدكم فلا تترددوا فى اتخاذها ولا تستمعوا للناصحين الذين يرددون دائماً أن هؤلاء الشباب (عايزين قطم رقبتهم).

القضية الثالثة الفقراء

أعرف مدى انحيازك للفقراء والمهمشين من ملح الأرض الذين تعاقبت عليهم السنوات لتزيد فقرهم وشقاءهم ومعاناتهم، إن صبرهم طوال هذه السنين يضرب به الأمثال، حتى تندّر عليهم وسخر منهم البعض واتهمهم بالبلادة والانسحاق، حتى جاءت ثورة 25 يناير وكانوا هم الملايين التى حسمت الأمر بصمودها فى الميادين، ونعرف جميعاً ما واكب الثورة من تداعيات تمثلت فى غياب الدولة والأمن، وضربوا لنا مثلاً فى النبل والنبالة والشرف وعدم استغلال الظرف، فحافظوا على الدولة ومقدراتها، بل حافظوا على ثروات الأغنياء برغم بعض الأصوات التى همست فى آذانهم فلتنهبوها كما نهبها الكبار.

ولكنهم تعالوا على حوجهم وعوزهم ولم يفعلوا، وصار يحدوهم الأمل فى أن اليوم الذى سينصفهم بات وشيكاً، وتأخر اليوم كثيراً عليهم، ومع ذلك خرجوا بعشرات الملايين للميادين فى 30 يونيو، ومن لم يستطع خرج فى شوارع قريته أو الحى الذى يسكن فيه حتى امتلأت الشوارع فى كل القرى والنجوع والكفور والأحياء البعيدة عن الميادين، وقد شرفت بأن صورت وشاهدت هذه المشاهد التى لم تظهر للنور بعد واكتفوا بصور الجماهير الحاشدة فى الميادين الرئيسية وعواصم المحافظات، ويوم أن تعرض هذه المشاهد التى أجدها كسينمائى أروع من مشاهد الملايين فى الميادين سيتأكد القاصى والدانى أننا كنا نقول جزءًا من الحقيقة عندما قُلنا إن 30 مليوناً قد خرجوا ثورة على الإخوان.. وانتظر الفقراء بعد نجاح ثورة 30 يونيو أن يجىء يوم الإنصاف ويذوقوا ثمار صبرهم وثورتهم، وتأخر اليوم وأكملت الدولة وقوعها فى بئر سحيقة من الارتباك، ومع ذلك تحمَّلوا وانتظروا انتخابك رئيساً للبلاد، وكان اختيارهم لك جلياً، ولنراجع نتائج انتخابات الرئاسة لنجد الإقبال فى المناطق الريفية المعدومة والعشوائية والشعبية ضعف الإقبال فى المناطق الأقل فقراً، وأجزم أن فقراء مصر إن لم يخرجوا بهذه الكثافة ما كان حضر أكثر من عشرة ملايين ناخب، وكنا قد أعطينا المتآمرين على مصر الدليل الدامغ على أن ما حدث كان انقلاباً وليس ثورة.

هؤلاء الفقراء يشعرون أنهم كانوا على موعد مع القدر يوم أن حميتهم من بطش الإخوان حين ثاروا على نظامهم، وأعطوك ثقتهم المطلقة، وحين انتخبوك كانت قلوبهم تحدثهم بأنك القادر على انتشالهم من فقرهم وعوزهم، والعازم على رد المظالم، وحتى هذه اللحظة تملأهم طاقات الأمل فى مستقبل أفضل، برغم أن أجهزة الدولة من يوم أن أتيت (مابتتشطرش إلا على الغلابة) فالمخالفات الإدارية البسيطة والتى تتراوح الغرامات فيها ما بين خمسة جنيهات ومائة جنيه نجد (بوكس الحكومة) هكذا يسمونه فى الفلاحين والأحياء الفقيرة (رايح جاى محمّل) خليطاً من أطيب القلوب وأغلب الناس مقبوض عليهم مثلهم مثل المجرمين عشان عليه أو عليها غرامة، بينما نجد أن الدولة تتساهل وتخفض غرامة أحمد عز من مائة مليون إلى عشرة ملايين جنيه، علماً بأن هذا التخفيض كفيل بتعويض الدولة عن كل الغرامات المفروضة على فقراء الوطن كله بما فيها مخالفات مزارعى الأرز الموجود نصفهم الآن فى السجون عاجزين عن دفع الألف جنيه المغرمين به ظلماً وبهتاناً والذى يجب أن يحاسب بدلاً عنهم هم المسئولون عن السياسات الزراعية الفاشلة عبر ثلاثين عاماً جعلت من قيراط الأرض بعد أن كان سترة للفلاح أصبح وبالاً وخراباً عليه، فالمحاصيل لا تباع إلا بأسعار بخسة لا تساوى العرق الذى تساقط من جبهته وهو يفلحها، ولا تفى حتى بما صرفه الفلاح عليها من أسمدة وأصبحت «أسعارها نار» ويشتريها من «السوق السودة بالغلا والكوا» فى ظل أكثر من مادة فى دستورنا تنص على إلزام الدولة بتوفير المستلزمات الزراعية، وكذا إلزامها بشراء المحاصيل الزراعية بثمن يحقق للفلاح هامش ربح.

سيادة الرئيس.. لو حدثتك عن حال الفلاح أو العامل أو الفقير بشكل عام فى بلدنا لن تكفينى مجلدات.. إن النظام لم يكفه ما عاناه الفقير طوال أكثر من 30 سنة فيزيد معاناته تحت دعوى فرض هيبة الدولة (هى الهيبة دى مابتظهرش إلا على الغلبان) هل قالوا لك كيف تحولت شركتا الكهرباء والمياه إلى هيئات جباية تقطم ضهر الغلابة، هل حققوا ما قالوه لك ولنا أن هناك شرائح للفواتير تراعى محدودى الدخل، هل قالوا لك ماذا صنع غلاء أسعار البنزين والسولار بالفقراء؟

سيادة الرئيس.. هذا هو حال فقراء مصر وحتى هذه اللحظة لم تتحسن أحوالهم، بل زادت ضنكاً، إنهم يبحثون عن ظل قرار يصب فى صالحهم مباشرة ويستهدف إنقاذهم، محققاً لهم العدالة الاجتماعية ودولة تكافؤ الفرص، وما زالت الواسطة والمحسوبية هى سيدة الموقف، وما زال الفساد الإدارى والمؤسسى كما هو.

أعرف أن المشوار طويل وأن المشروعات التى بدأتها لن تظهر ثمارها فوراً، ولكن جل المطلوب نظرة من العين الطيبة للغلابة، ونظرة من «العين الحمرا» للفاسدين، ونظرة تحذير للشرفاء من الأغنياء بأن عليهم مسئولية اجتماعية ودوراً تجاه الفقراء، وليتذكروا أن ثرواتهم وإن كانت حلالاً فإنها قد ازدادت أثناء ازدياد أعداد الفقراء.

فى النهاية سيدى الرئيس.. أعلم أنك تبذل أقصى ما تستطيع وسط ظروف فى غاية الصعوبة وتركة ثقيلة ومؤامرة تحاك وحرب تدار ضد مصر كى لا تنهض، ولكنها ستنهض بفضل كل الجهود المخلصة لأبنائها، وبإذن الذى حماها وكرّمها فى قرآنه وإنجيله.

 Elwatannews

بلاغ مفتوح من خالد يوسف إلى النائب العام بعد أحكام «البراءة للجميع»

By | مقالات

الإثنين 01-12-2014 21:56

سيدى المستشار النائب العام.. هذا بلاغ لك من مواطن كان فى وسط الأحداث فى ميدان التحرير وكان طرفاً فى الاعتداء على أحد أقسام الشرطة التى هوجمت فى ليل يوم 28 يناير.

أما عن ميدان التحرير فلتقرأ هذه الواقعة كما شاهدتها وعايشتها بكل حواسى وجوارحى.

مازلت أحتفظ بقفاز يدوى (بفردة جوانتى) لأحد شهداء ثورة 25 يناير كى لا أنساهم ولا أنسى دمهم الطاهر، فآفة حارتنا النسيان، كما قال نجيب محفوظ.. كان هذا الشهيد بجانبى على كوبرى قصر النيل وكان مفعماً بحماس وجسارة الشباب بالإضافة لجسم ممشوق ينبئ بممارسته لإحدى الرياضات، ووجه لو كنت صادفته فى غير هذا المحل لاقترحت عليه أن يكون بطلاً سينمائياً من شدة وسامته، كان للياقة البدنية الهائلة لهذا الشاب فضل كبير فى التخفيف عنا من سيل القنابل المسيلة للدموع المنهمرة على رؤوسنا فكان يلحق بالقنبلة بمجرد ارتطامها بالأرض وأحياناً قبل ارتطامها بالأرض طائراً مثل حارس المرمى فى رياضة كرة القدم ويمسكها بيده المحتمية من سخونة القنبلة بقفاز من الجلد البنى ويسارع برميها فى النيل والمدهش أنه كان يأبى أن يردها على قاذفيها من رجال الشرطة كما كان يفعل بعض الشباب، أشفقت على جهده وأحببت أن أساعده فطلبت منه أن يعيرنى فردة الجوانتى اليسرى عندما لاحظت أنه يستخدم يده اليمنى فقط فى التقاط القنابل، ابتسم فى وجهى وخلعها وأعطاها لى وانهمك مرة أخرى فى مهمته وكانت ابتسامته الرائقة لسان حالها يقول: هل ستستطيع أن تفعل ما أفعله؟ وحاولت على مدار نصف ساعة أن أقلده فلم أنجح إلا فى اصطياد قنبلة واحدة وقمت مثله برميها فى النيل بمعاناة شديدة، أثناءها نجح هو فى اصطياد عشرات القنابل وفى حالة الكر والفر غاب عن عينى لدقائق ليست كثيرة، وانهمرت علينا القنابل فتقهقرنا للخلف هرباً من الدخان الذى أشعل النار فى عيوننا وأنوفنا، وإذا بى أرى شاباً مضرجاً بدمائه يحمله بعض الشباب ويجرون به للخلف فى محاولة لإنقاذه، وفوجئت أنه هو الشاب ذو القفاز البنى، أسرعت وراءه، استوقفت من يحملونه بنبرة آمرة جعلتهم يعتقدون أنه قريبى، لأرى أثر ضربة فى رأسه يبدو أنها من أثر عصى الأمن المركزى الغليظة، قد أحدثت جرحاً غائراً بطول الرأس، ولكننى لاحظت أيضاً ثقوباً فى قميصه مليئة بالدماء فمزقت قميصه ليس لأكتشف حجم إصابته فقط ولكن بجانب ذلك كنت أريد أن أتأكد هل هناك رصاص حى يُضرَب، فاتضح لى أنها طلقات الخرطوش المبدورة فى جسده، ولكن يبدو أنها من مسافة قريبة، وأكمل الشباب طريقهم لإسعافه وسرعان ما فارق حياتنا تاركاً فى رقابنا دمه والقصاص له.

سيدى المستشار.. هذه الواقعة ترد بحسم على الذين يريدون أن يفروا من العقاب ويلصقوا التهمة كاملة على قناصة الإخوان التى اعتلت الأسطح، وهذه رواية لم يؤكدها حتى الآن تحقيق رسمى أو حكم قضائى وإن كنت أميل إلى تصديقها لخبرتى بما يمكن أن يصنعه هذا التنظيم الإرهابى الذى جُبل على الدم والعنف، ولكن ليس كل الشهداء من ماتوا برصاص قناصة، منهم من مات دهساً تحت عجلات آليات شرطية أمام أعيننا وصورتها كاميرات الفضائيات المختلفة، ومنهم من فقد عينيه من طلقات خرطوش جاءت من بندقيات الشرطة أمامنا، وأيضاً تم تصويرها.. ومنهم.. ومنهم.

سيدى المستشار.. ليست أسر الشهداء والمصابين فقط من ينتظرون الإعلان عن القتلة.. من حق الشعب المصرى أن يعرف ويضع يده على الحقيقة كلها، ومن حقنا أن نطالب بالقصاص العادل لهم، ليس ممن دهس أو أطلق الخرطوش والرصاص، أو شج الرؤوس بالعصى الغليظة، ولكن إلى جانب هؤلاء من الذين حوّلوا دور الشرطة من حامية للشعب إلى قاهرة له ووضعوها فى مواجهته وفرضوا علينا جميعاً أن ينهزم أحد الفريقين، إن صح أن نسميهم فريقين.

سيدى المستشار.. لا نطلب منك فقط أن تطعن على حكم البراءة إن وجدت به عواراً، ولكننا نحمّلك المسئولية أمام الله والتاريخ باعتبارك نائباً عاماً مأموراً باسم الشعب أن تبحث عن حقوقه وتقدم من أجرم فى حقه للعدالة، أن تأمر وتكلف المؤسسات والأجهزة المعنية بالبحث عن قاتلى الشهداء ومن وراءهم، ومن تسبب فى طمس أدلة الاتهام فى الكثير من قضايا قتل الشهداء وتقدمهم للمحاكمات وتحقق فى سبب إصدار النيابة العامة لأمر مفاده كما قال المستشار الرشيدى بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد مبارك ورجاله، وهو السبب الذى استندت إليه المحكمة فى البراءة.

وكذا تحقق فى سبب تأخر النيابة العامة فى الطعن على الحكم فى موقعة الجمل وفوتت علينا الفترة التى حددها القانون للطعن على الحكم وأصبح الحكم نهائياً غير قابل للطعن، فهل هناك تعمد من النائب العام السابق المستشار طلعت عبدالله لإفلات المتهمين من العقاب، وما صحة ما تردد عن صفقة بين نظام الإخوان والمتهمين من رموز نظام مبارك لإغلاق القضية لمشاركة الطرفين فيها؟

وكذا نطلب منكم أن تحققوا فيما يتردد عن تقاعس أجهزة الدولة وقالوا من بينها النيابة العامة فى إرسال أوراق اتهام مبارك ورجال نظامه للاتحاد الأوروبى للحجز على أرصدتهم وقت أن كانت الدول الأوروبية شديدة الحماس لهذه القضية.

عذراً سيدى المستشار.. فأنا أعرف أن ما أطالب به فى بلاغى يتفق مع حقوقى التى حددها لى القانون كمواطن له مصلحة فى وطنه ورغبة فى إقامة دولة العدالة.

أما واقعة التعدى على الأقسام حين استغلت جماعة الإخوان الإرهابية ما حدث يوم 28 يناير وهجمت على أقسام الشرطة بمعاونة بعض المجرمين وأحرقوا وقتلوا، فقد كان شقيقى من هؤلاء الضباط الذين تم الاعتداء عليهم فى أحد أقسام الشرطة وظللنا ليلة 28 يناير نحتسبه شهيداً بعد إبلاغى من مدير أمن محافظته أنهم فشلوا فى إرسال أى تعزيزات له وأنه محاصر وتم إحراق كامل القسم بمن فيه ولكن العناية الإلهية أنقذته عندما هب الأهالى بعد صلاة الفجر وهاجموا المعتدين وتمكنوا من التغلب عليهم وسقط أكثر من قتيل فى هذه المعركة، أحدهم من الأهالى الذين دافعوا بجسارة عن القسم وضباطه وجنوده، وآخر كان من المجرمين المعتدين وكان يحمل سلاحاً نارياً قام باستخدامه ضد ضباط وأفراد القسم وضد الأهالى الذين حرروا القسم من قبضتهم وجميعهم احتُسبوا شهداء.

وعلمت مؤخراً أنهم قد حصلوا على التعويضات المخصصة للشهداء.

سيدى المستشار.. هذه الواقعة تؤكد أن ليس من يطلق عليهم شهداء الثورة أو مصابيها هم بالفعل كذلك وكل ما أتمناه أن تفتح تحقيقاً شاملاً تضع فيه الأمور فى نصابها وتفرق بين الذى قُتل أو أصيب هل كان مجرماً أم شهيداً، فتسقط دعاوى الذين ما إن نتحدث عن الشهداء حتى يسارعوا بالقول إنهم البلطجية والإخوان الذين اقتحموا الأقسام.

إن هذا المواطن الذى قُتل دفاعاً عن القسم حاول الإخوان الإرهابيون إقناع أهله أن الرصاصة القاتلة قد أطلقت من سطح القسم المرابض عليه ضباط وجنود الشرطة ولولا شهادة الكثير من شهود العيان لكانوا قد اقتنعوا بأكاذيب الإخوان وكم من مئات الوقائع المماثلة التى لم يفتح فيها تحقيق جدى حتى الآن وتتم فيها المكاشفة والمحاسبة.

وذلك الشاب ذو القفاز البنى وأمثاله من مئات الشهداء ما زالت أرواحهم هائمة تطلب القصاص، أما مئات الآلاف من الشباب المصرى الطاهر الذى خرج مطالباً بدولة العدالة والعيش الكريم والحرية، فلم يجنِ حتى هذه اللحظة شيئاً، فمنهم من قضى نحبه كما أسلفنا ومنهم من ينتظر وراء أسوار السجون، ومن نجده محسوراً محشوراً محصوراً بين قطاعات من الشعب المصرى تتهمه بالتآمر وبأنه «ودّانا فى داهية لولا ستر ربنا».

بماذا يشعر هؤلاء الشباب اليوم بعد أن وجدوا كل الذين ثاروا ضدهم وضد فسادهم أحراراً طلقاء، بل وعلى صدورهم وسام من قضائنا العادل بأنهم أبرياء من سفك أو مص دماء شعبنا؟ هل مطلوب منهم اليوم التسليم بأنهم أخطأوا فى حق هؤلاء وبأنهم حين خرجوا لتحرير مصر من دولة الفساد والظلم والقهر فى 25 يناير كانوا هم الظالمين «وهما اللى اتبطّروا على النعمة اللى كانوا عايشين فيها والرغد والهنا اللى كان الشعب بيتمرمغ فيه» وكيف نقنعهم بذلك وقد انضم إليهم عشرات الملايين من الشعب المصرى، مؤكدين على كل مطالبهم فخورين بهم؟.. هل مطلوب الآن من هؤلاء أن يعتذروا عما صنعوه ويعربوا عن ندمهم؟ وإذا فعلوا ذلك ماذا سيقولون لأهالى الشهداء والسجناء، كيف سينظرون فى عيون المصابين إن كانت ما زالت فى مكانها تؤدى مهمتها فى النظر.

Elwatannews