الثلاثاء 12-06-2018 – 01:00 ص
تحديث: تم التصريح بعرض فيلم كارما صباح الثلاثاء 12 يونيو 2018
الرقابة المصرية تمنع فيلم “كارما” للمخرج المصري خالد يوسف بعد حصوله على موافقتها.
كشف المخرج المصري خالد يوسف أن فيلمه الجديد “كارما” الذي منعت الرقابة عرضه، الاثنين، يطرح قضايا عدة بينها التعصب الديني والتفاوت الطبقي الشديد الذي تزايد وترسخ خلال السنوات الأخيرة في المجتمع المصري، ويقدّم تساؤلات هل الفقر مسؤولية الفقراء أم يتحمله الأثرياء والحكومات؟ وقال يوسف في تصريح لـ”العرب”، “حصلت على تصريح عرض الفيلم منذ شهرين من الرقابة من دون أن تبدي أي ملاحظة على النسخة النهائية المعدة للعرض”. وأضاف “فوجئت بأن رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، خالد عبدالجليل، يتصل بي ويبلغني بأنه صدرت قرارات سيادية (من أجهزة أمنية) بمنع الفيلم”. وكانت الرقابة المصرية قد أصدرت قرارا بمنع عرض فيلم “كارما” التي سبق وأن أعطت موافقتها على عرضه منذ شهرين، وهو الذي كان من المقرر إقامة العرض المخصص له، الثلاثاء، بحضور شخصيات عامة وسياسية وفنية، على أن يعرض في القاعات للعموم الخميس.
القاهرة – حصلت “العرب” على تصريح خاص من المخرج المصري خالد يوسف بعد أن أجرت حوارا مطولا معه قبل صدور قرار منع الرقابة على المصنفات الفنية عرض فيلمه الجديد “كارما”، قال فيه أنه يطرح من خلال الفيلم قضايا عدة بينها التعصب الديني والتفاوت الطبقي الشديد الذي تزايد وترسخ خلال السنوات الأخيرة في المجتمع المصري، ويقدّم تساؤلات: هل الفقر مسؤولية الفقراء أم يتحمله الأثرياء والحكومات؟
ويبذل خالد يوسف جهدا مضنيا للحصول على قرار جديد من جهات أعلى من الرقابة على المصنفات الفنية، لإجازة عرض الفيلم مرة أخرى، ومحاولة شرح الأبعاد التي ينطوي عليها قرار المنع.
ويعتبر يوسف واحدا من أولئك الذين رصدوا الواقع المصري وغاص في أعماقه عبر أعماله التي حملت نقدا مباشرا للسلطة وانحيازا للطبقات الدنيا، واستشرفت أفلامه مخاض وإرهاصات ثورة 25 يناير 2011 في مصر مبكرا.
وتنبأ يوسف ببعض مشاهد الثورة قبل أن تحدث، ومنها نزول الدبابات وحظر التجوال وحصار أقسام الشرطة، وحدوث انفلات أمني، ما عرضه لهجوم وانتقادات من قبل الموالين لحكومات متعاقبة، لكن التلميذ النجيب للمخرج الراحل يوسف شاهين، آثر الابتعاد عن السينما نحو سبع سنوات لصالح الانخراط في السياسة، وكان أحد رموز ثورة يناير ومن الداعين لها، لكنه عاد مجددا عبر فيلم جديد باسم “كارما”.
تخوفات وشكوك
خالد يوسف يقر بأن سقف الحرية الذي بلغته مصر قبل ثورة يناير 2011 تراجع، وما سُمح بطرحه قبلها لن يسمح به الآن
أكد خالد يوسف في حواره مع “العرب” أنه قرّر العودة إلى الفن بحثا عن دور حقيقي في تقديم لغة فنية سياسية تعكس التغير والحراك المجتمعي، مثلما كان دور السينما دائما.
وكشف أنه يعمل على مشروع فيلم وثائقي عن الحركات الإسلامية المتطرفة “الجذور والمآلات”، يطرح من خلاله أسئلة عدة، حول جذور الجماعات الإرهابية، وهل تكمن أسبابها في التأويلات الفقهية المتشددة أم الظروف الاجتماعية والاقتصادية أم المناخ الاستبدادي؟ ومن المقرر إنجازه قريبا.
ويعترف يوسف أن اهتمامه بالسياسة ألقى بأثره على مسيرته السينمائية ما طرح بداخله تساؤلات حول مدى قدرته على العودة، ومسايرة مزاج وأذواق الجمهور، مضيفا “كنت قادرا على جعل أفلامي التي صنعتها قبل ثورة يناير متوائمة مع الحس الشعبي والمزاج النفسي للجمهور، ما جعلني أتساءل هل ما زلت قادرا على ضبط نفسي على وتر إحساس الناس؟”.
كان فريق عمل يوسف يبدو كخلية نحل لتجهيز العرض الخاص لفيلم العودة “كارما” الثلاثاء (قبل صدور قرار بمنع عرض الفيلم)، وسط قلق وترقب من يوسف الذي يتابع جميع التفاصيل بنفسه من غرفة مكتبه التي ازدانت جدرانها بصورة معلمه ومكتشفه يوسف شاهين وصورة في الواجهة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر والزعيم الكوبي جيفارا.
خلق الحراك والجدل
لا يخجل يوسف من الإفصاح عن هواجسه وشكوكه بشأن فيلمه “كارما” قائلا “تخوفاتي هذه المرة تفوق تلك التي راودتني خلال أفلامي السابقة التي بلغت بها أوج النجاح، وحقّقت أعلى الإيرادات ولاقت التجاوب على المستوى النقدي، وتوجت بالجوائز الدولية والمحلية، وعندما أعود بعد سبع سنوات فأنا محمل بهذا الإرث، ومدى قدرتي على الاستمرار والتجاوب مع جمهوري هو ما ستسفر عنه الأيام القليلة المقبلة عند طرح الفيلم”.
وبرر تلك المخاوف في حواره مع “العرب”، بقوله “تشير كل الإحصاءات العلمية إلى أن 90 بالمئة من رواد السينما تدور ينتمون إلى الفئة العمرية ما بين 14 و24 عاما، ومن ثم أكثر من 60 بالمئة من جمهور هذا الفيلم لم يشاهدوا أفلامي في السينما من قبل”.
ويرى أن الحراك الثوري الذي حدث في مصر لا مثيل له على مدار التاريخ، بما تضمنه من انقلابات وأحداث وقعت خلال سنوات قليلة، “هناك رئيس دخل السجن هو حسني مبارك، بينما خرج شخص كان قيد السجن ليصبح رئيسا هو محمد مرسي، ثم عاد ليدخله”.
وقال “وجد المصريون أنفسهم إزاء انقلابات في المجتمع، وتغير المزاج النفسي لهم، كما أن عدم قبول الآخر والحدة في الاختلاف صارا أشد وطأة عمّا كان قبل الثورة، إضافة إلى تعاظم الإحباط الشعبي نتيجة عدم تحقيق أهداف الثورة التي خرجوا من أجلها”.
وكانت أعمال خالد يوسف السابقة محل تربص وهجوم كبير، واتهم بأنه يتعمد تشويه المجتمع المصري، وحملت أفلامه طابعا سياسيا دائما، ولامست معاناة الفقراء والبسطاء وانحازت إلى مطالبهم وتبنت العدالة الاجتماعية ومنها فيلم “حين ميسرة” و”هي فوضى” و”كلمني شكرا” الذي طرح نماذج للمهمشين وساكني العشوائيات قبل أشهر من اندلاع ثورة يناير.
ويثق يوسف في نفسه، ولا يعتريه قلق من التربص بفيلمه الجديد “كارما” في ظل ضيق الحراك في الفضاء العام، ويتوقع أن يتضاعف حجم الهجوم عليه بفعل الآراء المعارضة لسياسات السلطة الحاكمة في مصر حاليا.
وأوضح “ربما تفاقمت الأوضاع، واكتسبت المزيد من المتربصين بعد دخولي معترك السياسة وعضويتي في البرلمان، لكن لا أضع ذلك في الحسبان، فقد اعتدت هذه المعارك”.
وأضاف “أحبذ أن يصاحب أعمالي هجوم كثيف، حتى قبل ثورة يناير، وواجهت رفع دعاوى قضائية وحملات إعلامية حادة ومنظمة، بل واجهت هجوما من قبل بعض مؤسسات الدولة والموالين لها”، مشدّدا على ضرورة التصدي لكل ذلك، ومقتنعا بأنها ضريبة ينبغي سدادها، وإن لم يفعل يستحسن ألاّ يصنع أفلاما.
وأشار لـ”العرب”، إلى أنه يخوض هذه المعارك لإيمانه بأن وظيفة الكلمة، مرئية أم مكتوبة، هي أن تحدث حراكا وتحث على خلق النقاش والجدل بمعناه العلمي القائم على التأثر والتأثير، وأن تلقى الكلمة استهجانا أو استحسانا كبيرا، وتلك هي وظيفة الفنون، أما الكلمة التي تمر مرور الكرام فلا ينبغي أن تُقال.
تهاوي الحريات
صنع خالد يوسف، قبل ثورة 25 يناير، أفلاما كشفت فساد السلطة، بعضها بمشاهد وقعت إبان الثورة، بينها “هي فوضى” و”دكان شحاته”، وحملت سقفا مرتفعا من الحرية، ما يطرح في الأذهان المقارنة مع الوضع الراهن لحرية الإبداع في صناعة الأعمال السينمائية، فقد تراجع هامش الحرية بشكل يصعب معه تكرار مثل هذه التجارب في الوقت الراهن.
وشدّد يوسف أن “التراجع الذي لحق بمجال الحريات العامة ألقى بظلاله على السينما، والسقف الذي بلغناه قبل الثورة تقلص وتراجع وما سُمح بطرحه قبل الثورة لن يسمح به الآن”.
يوسف دلف باب الفن من شارع السياسة لكونه نشأ في كنف السياسي اليساري الراحل خالد محيي الدين صديق والده
ويرى أن أسباب ذلك هو “الخلل في السياسات والتوجه العام للدولة التي تقتنع مؤسساتها بأن ما حدث في 25 يناير جاء بسبب إتاحة مبارك (الرئيس حسني مبارك) لهامش من الحريات، ومن ثم هناك رغبة بعدم تكرار هذه التجربة التي قد تؤدي إلى قلاقل، لذا يجري تقليص وإغلاق هذا الهامش”.
وأكد أن الحكومة بما تفعل لا تدرك الحقائق التاريخية، وهي أن البلاد التي عانت استبدادا شديدا، ومنها ليبيا والعراق وسوريا، وانفجرت بها الثورات وانتهت بمجازر، فيما اتسمت الثورة المصرية بكونها بيضاء وهادئة وسلمية، وخرجت الجماهير للمطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، لأن العقل الجمعي الذي قام بصياغتها هو قائدها بلا استبداد.
ولا ينفصل التاريخ عن المستقبل بالنسبة لخالد يوسف، وهو ما يلخصه بقوله “عند الحديث عن المستقبل لا بد من دراسة التاريخ جيدا لأنه ليس صحيحا أن الهامش الديمقراطي هو الذي أدى إلى الثورة في 25 يناير، وربما لو أتيح هامش أكبر ما اندلعت الثورة، وحتى الممارسات الدموية المحدودة كلها جرت من تنظيم إرهابي، هو الإخوان المسلمين، وهذا أحد طبائعه من عشرات السنين”.
اقتحام عالم السياسة
يعتقد البعض أن المخرج السينمائي خالد يوسف، جاء إلى عالم السياسة عبر السينما، لكن العكس هو الصحيح، فقد دلف باب الفن من شارع السياسة لكونه تربى ونشأ في كنف السياسي اليساري الراحل خالد محيي الدين الذي كان صديقا مقربا لوالده.
ومع ذلك يفضل يوسف لقب “المخرج السينمائي” عن “السياسي المتمرد” لكون الإخراج مهنته الأصيلة وأساس تواصله مع الجماهير، ويرى أن إسهاماته في خدمة الوطن جاءت عبر الفن بشكل يفوق ما قام به من دور سياسي أو وطني خلال السنوات الماضية.
وكأحد المهمومين بالسينما يساوره قلق بشأن ضعف السوق السينمائي، لافتا إلى أن “تراجع السينما يعني فقدان واحدة من أهم قوى مصر الناعمة، فقد تقدّمت الدراما السورية خلال وقت سابق قبل اندلاع ثورات الربيع العربي على نظيرتها المصرية، بينما كانت مصر رائدة الغناء العربي أضحت لبنان وبلاد أخرى منافسا عتيدا”.
وأوضح أنه لن يترشح خلال الدورة البرلمانية المقبلة، المقرّر لها بعد عامين، بغض النظر عن نتائج هذه التجربة، وأعلن خلال بيان ترشحه الأول أمام أبناء دائرته أنه سيبقى لدورة برلمانية واحدة فقط، وجاء خوضه للانتخابات النيابية في محاولة لإعطاء خمس سنوات للوطن وأبناء بلدته، ليبذل قصارى جهده لكليهما، ثم يترك المهمة والفرصة لجيل آخر يتولى المسؤولية.
وفي المقابل لن يودّع مجلس النواب كليا، بل ينوي تسجيل بعض حكاياته سينمائيا، لا سيما أن البرلمان المصري يبدو عامرا بالقصص الدرامية المثيرة بين وقائع طرد وإقالة بعض النواب ومنهم محمد أنور السادات وتوفيق عكاشة، أو اغتصاب وإهدار حقوق قانونية في العضوية لعمرو الشوبكي، إضافة إلى ائتلاف الغالبية البرلمانية “دعم مصر”، وهو ما يغري أي سينمائي بالتقاطها وصناعتها.
وكشف يوسف عن نيته الفعلية لصناعة فيلمين أحدهما كوميدي والآخر تراجيدي، قائلا “تجربتي البرلمانية ثرية للغاية أطلعتني على أشياء كنت أسمع عنها، لكن لم أتصوّر حدوثها بهذا الشكل”.
الرقابة على المصنفات الفنية سبق لها أن أصدرت موافقتها على عرض “كارما” بتاريخ 30 أبريل 2018، لتغير رأيها أخيرا
ولفت إلى أن السينما هي الوحيدة التي لم تستطع أي دولة في الشرق الأوسط والعالم العربي منافسة مصر فيها، قائلا “امتلاكنا أدواتها وكوادرها وإرثها في نفوس العاملين فيها، وكانت مصر صاحبة ثالث صناعة سينما في العالم”.
وبينما تعاني السينما المصرية تراجعا ملحوظا، وتواجه أوضاعا سيئة فقد قدّم خالد يوسف خطة لإنقاذها بوصفه عضوا في لجنة الثقافة والإعلام داخل البرلمان، وقال لـ”العرب”، “قدّمت مشروعا متكاملا للنهوض بصناعة السينما، وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارا بتشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية سبعة وزارء في الحكومة للنهوض بالصناعة”.
وأفاد “تقدّمنا بطرح حلول في كل المناحي لحل مشكلاتها ومنها القرصنة والتوزيع، واستنهاض الإنتاج، خاصة أن السينما ذات تأثير قوي جدا في تشكيل الأجيال الجديدة، وفرض حضور مصر على المستوى الإقليمي والدولي”.
وأضاف “صدرت قرارات من رئيس الحكومة السابق شريف إسماعيل بالاستجابة لهذه الاقتراحات، لكنها حتى هذه اللحظة ما زالت طي أدراج الروتين ويعطلها الموظفون”.
ويبدو يوسف شخصية محيرة ومثيرة، فكان فوزه الكاسح في البرلمان مفاجأة للكثيرين، ليكون ممثلا عن دائرة كفر شكر في محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، وهي بلده ومسقط رأسه والتي تربى وعاش فيها، ومبعث المفاجأة أنها قرية ريفية ومن ثم توقع خصومه أن يلقى سقوطا مدويا، لكن نجاحه جاء مذهلا.
ورغم شهرته ونجوميته لم يكن يوسف، منفصلا يوما عن أهالي قريته حتى خلال عمله الفني، واستطاع تحقيق شعبية كاسحة بين جنبات هذه البيئة المحافظة وهو المخرج المتهم بالتحرّر.
واقترب خالد يوسف من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بل كان ضمن قائمة ضمت خمسة أشخاص من المستشارين الأساسيين والمقربين له خلال حملته الرئاسية الأولى عام 2014.
وحل يوسف عضوا رئيسا في حملة السيسي الانتخابية، لكنه تحوّل إلى معسكر المعارضة لاحقا بشكل تدريجي، ولم يتوان عن تقديم النصائح للحكومة، إلاّ أنه يقول “هم مقتنعون بما يفعلون رغم كل القلق المثار”.
ولعب يوسف دورا معارضا داخل البرلمان إلى جانب ائتلاف “25-30”، بدا خافتا بشكل عام، ويفسر يوسف ذلك، قائلا “هذا الخفوت باعثه الإحباط وكل ما صنعناه في البرلمان يمكن اختصاره في عنوان تسجيل موقف “فقد بذلت قصارى جهدي خلال الفترة الماضية وأرضيت ضميري بما اعتقدت فيه بعد أن تحوّلت المعارضة البرلمانية بلا تأثير إلاّ نادرا”.
ويتلقى يوسف وزملاؤه في المعارضة الكثير من الاتهامات بكونهم يسعون إلى هدم الدولة، لكنه يعلق قائلا “نعارض من قلب مشروع الدولة، لسنا من المنتمين إلى تيار يريد إقامة الخلافة أو الدولة الدينية، بل نتبنى داخل التكتل مفاهيم الدولة المصرية، باعتبار معظمنا من الناصريين والاشتراكيين، ومن ثم فالدولة الوطنية هي أساس مشروعنا واستقرار البلاد وتثبيت أركانها أحد أهدافنا الكبرى”.
ويعتقد يوسف أن المعارضة في ظل نظام يتمتع بحيوية سياسية وتعدّد آراء وتنوعها والتنفس من أكثر من رئة، وليس رئة السلطة وحدها، هو ما سيحفظ كيان الدولة وليس العكس، لكن مؤسسات الدولة ذاتها غير مقتنعة بفكرة الديمقراطية والمعارضة والتداول السلمي للسلطة.
وينفي يوسف في حواره مع “العرب” أن تكون الضغوط التي مورست عليه في الساحة السياسية، وتلك التي لاحقته تحت قبة البرلمان سببا في عودته إلى الساحة السينمائية، قائلا “تم استهدافي من قبل الثورة، وهو ما تواءمت معه، ولا أنكر أنني واجهت المزيد من الاستهداف عقب دخولي البرلمان”.
وأضاف “شعرت في منتصف المرحلة البرلمانية أنني لا أقدّم ما كنت أحلم به فتوقّفت، مدركا أن ثمة دورا آخر اضطلع به عبر الفن، فقرّرت العودة إليه، بينما أمارس دوري البرلماني من خلال خدمة أهالي دائرتي، طالما أن دوري في التشريع ليس مؤثرا”.
راية المعارضة
يعتبر خالد يوسف أحد المحسوبين على “التيار الناصري”، فيما كان داعما وقياديا بارزا في حملة ترشح حمدين صباحي للرئاسة عام 2012، ورغم أن هذا التيار تصدر المشهد الثوري والسياسي منذ اندلاع ثورة يناير 2011 وما قبلها، وخلال ثورة 30 يونيو 2013، إلاّ أنه توارى عن الساحة السياسية خلال العامين الماضيين.
ويفسر يوسف التراجع بقوله “كل محاولات التيار الديمقراطي للمشاركة في العمل السياسي تتعرض للهجوم من جانب قوى الثورة، وقوى الثورة المضادة من جهة أخرى، ويعاني التيار تضييقا من قبل النظام لكونه غير مؤمن بالديمقراطية، ومن الطبيعي أن تضيق مساحة الحضور في المشهد الحالي”.
وحول السبل المقترحة كي يعود هذا التيار لاستعادة تأثيره على الساحة، يقول “علينا جميعا كفريق في التيار الديمقراطي أن نتراجع خطوة إلى الخلف ونقدّم جيلا آخر ليتولى القيادة بينما نعمل نحن كمستشارين له، وفي تصوّري أي محاولة ليخرج الجيل السابق كرأس حربة ستبوء بالفشل، والحراك وآليات حركة التاريخ تحتم وجود جيل آخر يتقدّم الصفوف من الشباب”.
وقال “جيلنا السابق أدى ما عليه، ويتحتم على الشباب أن يدير أموره بنفسه خلال الفترة الراهنة، لكونه صاحب المصلحة الحقيقية في المستقبل، ولا يفترض بنا أن نتحدث مرة أخرى لكن علينا توجيه النصائح فقط، ولهم أن يأخذوا بها أو يمتنعوا”.
ويرى أن عيوب جيل الشباب ومزايداته التي يمارسها أحيانا ستصحّحها حركته وتجربته، وليس التنظير من الأجيال السابقة، لا سيما أن الشباب كان على رأس ثورتين عظيمتين، إحداهما قضت على الاستبداد السياسي وأخرى أنهت الاستبداد الديني، لكن نتائجهما أحبطت أحلام الشباب.
Alarab