الأحد 26-08-2018 – 00:00 ص
غاب عن السينما المصرية سبع سنوات بسبب انشغاله بالسياسة والبرلمان، بعد أن كان أحد روّادها والمؤثرين فيها بأفلامه، التي ناقشت قضايا العشوائية والطبقات الفقيرة في مصر؛ منها «دكان شحاتة» و»حين ميسرة»، والتي حقق بها نجاحات كبيرة. وبمجرد أن أعلن عودته الى الفن بفيلمه الجديد «كارما»، تعرّض لأزمة بسحب ترخيصه قبل عرضه بيومين فقط، وتدخلت جهّات سيادية لتنتهي الأزمة ويُعرض الفيلم جماهيرياً. المخرج السينمائي الكبير خالد يوسف التقته «لها»، فتحدّث عن أزمة منع فيلم «كارما»، وكيف واجهها واستطاع حلّها في غضون 48 ساعة، وإحساسه بتضامن الكثيرين معه، سياسيين وفنانين وجمهوراً أيضاً، وكواليس الفيلم وأسباب اختياره وجهاً جديداً لتقديمها في الفيلم الجديد، وكشف رأيه في المنافسة بين فيلمه وفيلمَي النجمين أمير كرارة ومحمد إمام اللذين طُرحا بالتزامن معه، وتراجع إيرادات فيلم «كارما» مقارنةً بأفلامه السابقة. كما تكلم عن صداقاته في الوسط الفني، ورسالته لزوجته، والأشخاص الذين يشعر معهم بالراحة النفسية.
– ما هي الإضافة التي ترى أنك قدّمتها في فيلمك السينمائي الجديد «كارما» بعد غيابك سبع سنوات عن السينما؟
أتصور أن صانع أي عمل فني أو إبداعي لا يستطيع أن يحدد الإضافة التي قدمها للناس من خلاله، بل أعتقد أنني أقدم ما أحسه وأراه متطابقاً مع رؤيتي الخاصة، والمشاهد وحده من يستطيع الحكم وتحديد الإضافة التي لمسها في هذا الفيلم أو غيره من الأعمال الفنية.
– «كارما» مليء بالإسقاطات السياسية والدينية والمجتمعية مقارنةً بباقي الأفلام التي طرحت بالتزامن معه، ألم تقلق من موعد طرحه؟
بصدق شديد، أرى أن طرح فيلم «كارما» في عيد الفطر لم يكن لمصلحة جمهوره، لكن قلت في قرارة نفسي سأجرّب طرحه في هذا التوقيت؛ فإذا لم يحقق الإيرادات المُرضية والمتوقعة لي في العيد، سيكون حاضراً في دور العرض السينمائي بعد انتهاء موسم العيد، والجمهور المهتم بمشاهدته سيقبل عليه بالتأكيد.
– هل أنت راضٍ عن إيرادات الفيلم؟
لا، لست راضياً عن الإيرادات، لأن أفلامي السابقة كانت تحقق أعلى الإيرادات في السينما المصرية، مثل «دكان شحاتة» و«هي فوضى» و«حين ميسرة» و«أنت عمري» وغيرها.
– بعد عودتك الى السينما المصرية، هل قصدت تقديم فيلم يحمل رسائل معينة للجمهور أم مجرد عمل ممتع ومشوق؟
حين أفكر في تقديم فيلم سينمائي يسجَّل في تاريخي وأرشيفي الفني، بغض النظر عن كوني أعود من خلاله الى السينما بعد غياب سبع سنوات، أكون حريصاً على تقديم رؤى ورسائل معينة في هذا الفيلم، إلى جانب إمتاع بصر المشاهدين… فهذه هي خلطة أفلامي السينمائية التي اعتدت تقديمها للناس، لذلك حين أفكر في تقديم فيلم جديد لا يشغلني سوى احترام الجمهور الذي يخصّص لي ساعتين من وقته في السينما.
– كيف واجهت أزمة فيلم «كارما» بسحب ترخيصه، خاصة أنها حدثت قبل عرضه الخاص بيومين فقط؟
بكل صدق، استقبلتها بهدوء شديد، لأنه حين يتم سحب ترخيص الفيلم فجأة من دون الكشف عن أسباب ذلك، أكون واثقاً من إمكانية عرضه، لأن بمجرد تسلّمي الورقة التي تؤكد سحب ترخيص الفيلم من رئيس الرقابة على المصنّفات الفنية والتوجه بها الى القضاء الإداري، سأستحصل على تصريح بعرضه من أول قاضِ سأمثُل أمامه، لأن ليس في القانون مادة تقضي بسحب ترخيص الفيلم لمخالفته شروط الترخيص من دون تدوين هذه المخالفات، مما يعني عدم وجود مخالفة في الأساس، إضافة إلى أن سحب الترخيص لكي يكون قانونياً يحتّم إنذاري بأنني ارتكبت مخالفات معينة وعليّ إزالتها، وحين لا أستجيب يقوم بسحبه، لكنني لم أُبلّغ بارتكابي أي مخالفات، ولم يحدد لي أحد نوع هذه المخالفات التي بسببها سُحب الترخيص فجأة، لذلك كنت واثقاً بأن الفيلم سيعرض في النهاية.
– ما الذي قمت به لحلّ هذه الأزمة في 48 ساعة فقط؟
بعد تسلّمي بلاغ سحب الترخيص، وقبل التوجّه الى محكمة القضاء الإداري، قررت أن أتوجه فوراً الى المؤسسات السيادية في الدولة، لأننا دولة مؤسسات، وأبيّن لهم أن قرارات الرقابة مرتبكة، وقد استجابوا للأمر بسرعة، ومن ثم شاهدوا الفيلم وحُلّت الأزمة سريعاً.
– ما رأيك بالتفاف الفنانين حولك في تلك الأزمة؟
أنا ممتن للمبادرات التي قام بها السينمائيون والجمهور أيضاً على الإنترنت منذ وقوع الأزمة، كأن هناك حملة منظّمة على مواقع السوشيال ميديا بشكل عام، سواء «فايسبوك» أو «تويتر» أو «إنستغرام»… وجدت آلاف التعليقات التي تستهجن وتستنكر قرار منع عرض الفيلم، وأحسست وقتها أنني تركت أثراً في نفوس الكثيرين. أما بالنسبة الى السينمائيين بوجه خاص، فهؤلاء زملائي ولم أقصر يوماً في الوقوف الى جانبهم في الأزمات التي يتعرضون لها.
– وكيف استقبلت قرار الاستقالة الجماعية للجنة السينما بسبب أزمة فيلمك «كارما»؟
في الحقيقة، موقف لجنة السينما الممثَّلة برئيسها وكل أعضائها، وموقف البرلمان المتضامن معي، تركا أثراً إيجابياً في نفسي، لأنه بصفتنا معارضة في البرلمان، حين نعرض قضية معينة تقف الأكثرية ضدنا، لكن حين عرض تكتل «25-30» أزمة منع الفيلم في البرلمان، وجدنا تضامناً من الأكثرية، وقرر رئيس المجلس التدخل لحل الأزمة… كل هذه المواقف الإنسانية أشعرتني أنه لا يزال هناك جنود كثيرون وسينمائيون يدافعون عن حرية الإبداع والتعبير في مصر، ويستطيعون اتخاذ مواقف حقيقية، وكذلك موقف وزارة الثقافة تجاهي كان راقياً جداً، كما أشكر كل مؤسسات الدولة التي ساهمت في عودة الفيلم للعرض، باستثناء من اتخذ القرار بسحب الترخيص.
– كثيرون أكدوا أن علاقاتك السياسية هي التي ساهمت في حل الأزمة في 48 ساعة، فما تعليقك؟
لا يمكنني القول سوى إنني سلكت القنوات الشرعية في الدولة لحل الأزمة التي تعرّض لها فيلمي، ولم أستغل نفوذي أبداً، فأنا نائب في البرلمان، وأرى أنني حين أستخدم حقي في الدفاع عن نفسي مثلما أدافع عن حقوق الناس، لا أكون أستغل أي سلطة أو علاقات. كل ما في الأمر أنني توجهت مباشرة الى المؤسسات السيادية، إضافة إلى أن قرار المنع أحدث ضجة كبيرة في الشارع المصري وعلى الإنترنت، واستجابت هذه المؤسسات سريعاً، لكن هذا لا يعني أنني استخدمت سلطة معينة أو جاملني أحد.
– كيف وجدت المنافسة بين فيلم «كارما» وأفلام «حرب كرموز» و«ليلة هنا وسرور» و«قلب أمه»؟
أرى أنها منافسة طبيعية جداً، وقد خضت هذه المنافسة سابقاً في فيلم «حين ميسرة» وغيره، وكنت أحقق أعلى الإيرادات، وحين لا يمكنني فعل ذلك في فيلمي الجديد «كارما» فلن أنزعج أبداً، لأن الجمهور دائماً على حق، وبالتأكيد هو أقبل على أفلام أخرى يريد أن يراها في هذا التوقيت، لكنني قدّمت هذا الفيلم بطريقتي الخاصة، وما من فنان يحقق أعلى الإيرادات طوال الوقت.
– ألا تشعر بأن هناك أسباباً معينة لعدم تحقيق الفيلم إيرادات جيدة مثل أفلامك السابقة؟
بالتأكيد هناك أسباب كثيرة، منها التوزيع الخاص بالفيلم حيث تم تحجيمه في دور السينما، ويمكن أن يكون هناك تقصير مني… كل هذه الأمور سأعمد الى دراستها حتى أستفيد من التجربة في المستقبل، وفي تاريخنا الفني أفلام سينمائية ضخمة – ولا أقارن نفسي بها- مثل «الناصر صلاح الدين» و»الأرض»، تم طرحها بالتزامن مع أفلام حققت أعلى الإيرادات وقتها، ومع ذلك بقي هذان الفيلمان راسخين في وجدان الناس لسنوات. لذلك طالما أنك تقدّم فيلماً سينمائياً متيقناً من قيمته الفنية ويخاطب وجدان الناس ويحترم عقولهم، تأكد من أنه سيعيش طويلاً.
– تُتّهم بأنك تمثّل دور الواعظ للمجتمع في أفلامك رغم غيابك لسنوات عن السينما، ما ردّك؟
أقدّم ما أشعر به وأحسّه، ومن تعجبه طريقتي سيحبّها، ومن لا تعجبه منذ سنوات يستهجنها ويرفضها، لكن لا يمكنني أن أكون إلا خالد يوسف.
– ما سر اختيارك للوجه الجديد سارة التونسي وتقديمها كبطلة لفيلمك الجديد «كارما»؟
اعتدت على تقديم وجوه جديدة في كل أفلامي السينمائية السابقة، وتشاركني في فيلم «كارما» كوكبة من النجوم المصريين الذين يملكون جماهيرية ورصيداً كبيراً لدى الناس، مثل عمرو سعد وخالد الصاوي وغادة عبدالرازق ودلال عبدالعزيز، لذلك كان لزاماً عليَّ أن أقدم وجهاً جديداً للناس في فيلمي، وسارة التونسي تستحق أن تكون بطلة في الفيلم لأنها مناسبة جداً للدور الذي تؤديه فيه، وقد أخضعتها لاختبار أمام الكاميرا، ووجدتها موهوبة جداً وقامت بتدريبات معينة وبلغت مستوى مميزاً، وأعطيتها الدور الذي يناسبها في الفيلم، وأرى أنها تستحقه وأشاد بها الجمهور.
– كيف ترى أحوال السينما؟
كنا نعاني أزمة في صناعة السينما قبل ثورة 25 يناير، وحدثت حالة من الارتباك بسبب ثورتَي «يناير» و«30 يونيو» وتداعياتهما. وبكل تأكيد، تأثر مجالا السينما والسياحة أكثر من أي مجالات أخرى في مصر في السنوات الماضية… هناك استثناءات معينة، لكن ما تم تقديمه سينمائياً خلال السنوات السبع الماضية لا يليق بالفن المصري أبداً. بالطبع هناك فيلم أو اثنان يتم طرحهما كل عام يكونان على مستوى الفن المصري الذي نعرفه، ونتمنى أن تدعم الدولة السينما بشكل حقيقي، ويتم الالتفات حول صناعة السينما ليتطور الإنتاج السينمائي ونفتخر به.
– ما سبب ابتعادك عن الدراما التلفزيونية؟
لست متابعاً جيداً للدراما التلفزيونية، لكن أرى أن الدراما المصرية تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الماضية، فبعد دخول مديري التصوير السينمائي والمخرجين السينمائيين في الدراما أحدثوا طفرة كبيرة في الصورة والتقنية الدرامية، والكتابة أيضاً تطورت بشكل كبير، إضافة إلى معالجة مسألة المط والتطويل في المسلسلات، لذا أرى أن الدراما المصرية تقدمت كثيراً عن ذي قبل.
– هل ترى أن السوشيال ميديا أضرّت فعلاً بالفن كما يردد البعض أم لك رأي آخر؟
السوشيال ميديا في غاية الأهمية، فهي أصبحت تروّج للفيلم السينمائي وسهّلت التواصل مع الناس، وباتت أهم بكثير من إعلانات التلفزيون والشوارع، خصوصاً إذا استُخدمت بشكل صحيح ومفيد.
– ما حقيقة التصريح المنسوب إليك بأنك فشلت في البرلمان؟
صرّحت فعلاً بذلك، وقصدت أننا لم نستطع تحقيق الأحلام التي سعينا إليها بعد ثورة 25 يناير، بتحقيق دولة الكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية… كلها أمور لم تتحقق بعد، وكان يتوجب على البرلمان بعد الثورة أن يحقق ما كان ينتظره منه الشعب المصري.
– وما سبب غيابك الطويل عن السينما؟
غبت عن السينما في محاولة مني لتنفيذ مهمة وطنية كلفت نفسي بها، وهي بناء مصر جديدة بعد ثورة 25 يناير، وسعيت جاهداً طوال سبع سنوات لتحقيق ذلك، وسواء نجحت أو فشلت، التاريخ سيقول ذلك، لكن حان الوقت لأعود الى صفوف الفنانين والقيام بدوري كفنان، ولا أكون سياسياً أو نائباً في البرلمان فقط.
– هل تفكر في الغياب مرة أخرى عن الفن بعد فيلم «كارما»؟
لن أغيب لفترات طويلة عن الناس بعد اليوم، وأحضر لفيلم سينمائي جديد.
– بعيداً من الفن، بأي الأمور تهتم؟
أهتم بقراءة الكتب في كثير من المجالات، مثل الاقتصاد والسياسة، ومشاهدة الأفلام العالمية أيضاً، وأتابع ما يدور على الساحة الفنية في العالم.
– ما هي رسالتك لزوجتك خاصة أنها كانت ترافقك في العرض الخاص لفليم «كارما»؟
أوجّه لها رسالة شكر وامتنان على وقوفها إلى جانبي ودعمها الدائم لي.
– ما الذي يفرحك؟
حين أقوم بعمل إنساني أو فني وأشعر بسعادة المحيطين بي به.
– هل تحب السفر الى مكان معين للاستجمام؟
أحب السفر الى مسقط رأسي محافظة القليوبية وتمضية أسعد الأوقات مع عائلتي وأصدقاء عمري، كما أحب السفر الى أي بلد أشعر فيها بالراحة، سواء في مصر أو خارجها.
– من هم أصدقاؤك المقرّبون من الوسط الفني؟
لي صداقات كثيرة في الوسط الفني، مثل خالد الصاوي وغادة عبدالرازق وحسن الرداد وغيرهم.
– ما هي أمنيتك؟
أتمنى أن تنعم بلادي الحبيبة بالاستقرار والأمان وأن يعيش المواطن المصري فيها حياة كريمة، وأن أقدّم أفلاماً سينمائية تليق بالجمهور العربي بعد فيلم «كارما».
Lahamag